أقصوصة: صديقة الصباح

cofeemaker.7non18.wordpress

مرحبا ..
أنا صديقة الصباح ، الغيوم ، اللون الأزرق ، رائحة مخبز الحي ، المطر ، صوت المطر ، و رائحته ، السلاحف ، قطة جارتنا ، و الأحلام ماذا عنكم؟

.

.
هذا الصباح لطيف للغاية يبدو أن الجو مغيم جزئيًا كما أحب ، و رائحة الخبز اللذيذ من مخبز العم منصور تملأ الحي تمامًا ، أسمع صوت العصافير منذ الفجر تعلن بداية جديدة وتسعى لأن تتصالح مع هذا العالم .

.

استيقظت اليوم قلقة لم أسمع صوت صراخ جاري المعتاد .. آوه أعتقد انني تأخرت وبدأت فقرة قراءته للصحيفة اليومية – نظارته التي يضعها على أنفه ، طريقة قراءته وملامح وجهه عند كل خبر أني أحفظها عن ظهر قلب – رغم أنني مازلت أتساءل لماذا يقرأها .. أو لماذا أصلًا لازالت تُباع .. الكثير من الأخبار التي أعتقد أنها في حقيقة الأمر تتعبك لا تمتعك .. تخبرك عن العالم الذي أصبح متروسًا بالقضايا المؤلمة في الحقيقة وتنتهي بـ رسمٍ كاريكتري يحاول أن يصنع لك البسمة رغم أنه يتناول أيضًا قضية مؤلمة أخرى .. طبعًا أظن أن الجميع يختلف معي بشأن هذا الموضوع الجميع يحب أن يقرأ الصحف عوضًا عن أي كتاب .. الجميع يسعى لأن يقرأ الأخبار التي يسمعها بحدث مختلف ويشاهدها بحدثٍ مختلف ثم يعود أيضًا لقراءتها .. يعني بالضبط كأن تقرأ ثلاث قصص حدثت بثلاثة احداث مختلفة دون ان تعلم ما هي الحقيقة المرّة للموضوع .

.

 

أحضرت لي كوب الحليب البارد وشطيرة التونة المفضلة لأتناولها وأنا أستمع لحديث الغيمة الذي بدت لي اليوم أنها تتشكل على هيئة شخص تعيس ، أو على هيئة عجوزٍ مملوءة بالذكريات التي فاضت عليها رغم تماسكها .

.

.

تحدثت معها وسألتها فـ أخبرتني بأنها حزينة ..- ففي البلاد الممطرة المخضرّة من مائها ذوات الأشجار بأنواعها والنباتات المنتشرة في جميع مدنها واحيائها وحدائق منازلها -تظن بأنها ليست محبوبة فالجميع ينتظر الشمس لتشرق بينما تظلهم وتذرف الدموع لذلك كثيرًا ، ثم حدّثتني بأنها في البلاد -السيئة التصريف – حزينة أيضًا فالجميع يهرب لمنازلهم حين يرونها خوفًا من أنها قد تغرقهم بدموعها وأنهم يخشونها رغم لطفها ، أخبرتها بأني أحبها وأني أحب مطر عينيها ورائحته .. مضيت وقتً طويلًا معها أشرح لها كيف أنّ الجميع هنا أيضًا يحبها ويدعو الله بأن يسقينا منها .. وأنه الخوف كل الخوف غير مرتبطٍ بها وليس كره لها .. ابتسمت سعيدة وتشكلت – كـفتاة جميلة تثق بذاتها وتعلم بأن الجميع يتأملها ويُعجب بها -، قلت لها لو أن لي أن أعانقك ؟ فأمطرتني لسعادتها ثم غادرت تكمل طريقها .

.

.

غصن شجرتنا ذات العشرين سنة التي زرعها جدّي مع ولادتي ، مال لشرفتي كثيرًا ليلّمح لي بأن وقته في الحديث قد حان .. نزلت لأستظل تحت الشجرة ..
بدأت معها : صباح الخير
لتجيبني : لأنه يبدأ بك ..
-آوه نعم
– مازلتِ مغرورة؟
– لست كذلك.
– لو كنتِ كذلك ما كنت لأتحدث معك..
سألتها : كيف حالك؟ من كسر منك غصنًا وآلمك؟
– لم يفعل ذلك إلا لأنه احتاج إليّ.
– لكنه مؤذي ، هو حتى لا يعرفك ، لم يتعب فيك ، ما سقاك وما اهتم لك..
– حين يحتاج لكِ شخص ما لا ترديه فقد تحتاجين شخص ما في يوم ما دون ان تعرفيه حتى ، ثم إنه أخذني ليصلح في بيته ما عطب منه ، لم يكن بعابث ..

.

هذه الشجرة العملاقة الحنون أظنها تسعى في كل يوم لتعلمني شيئًا ما ، إني لا أملّ حديثها ولا أنساه ، أشعر بأن جذعها قد امتلأ تجاعيد من الزمن .. كما تمتلئ في كل يوم حكمة .

.

.

قطع حديثنا صوت جارتنا التي تنادي بصوتٍ عالي .. ودّعت شجرتنا وغادرت لبيت الجارة مسرعة طلبت مني أن أهتم لطفلها إلى حين عودتها من مدرسة ابنها .. أخذت الطفل وعدت لبيتنا كما كل مرة .. عمومًا يعني يسعدني التعامل مع طفلها الصغير فبيتنا يخلو من ذلك وهذا الطفل خاصة شيء ما في تفاصيله يدعو للسلام – ذو ملامح لطيفة ، يدين كـالقطن وأصابع صغيرة تظن بأنها هشّة وعينيه يا الله عينيه – .. أخذ يتأمل المكان بذهول .. الدهشة تعلو ملامحه كما لم تعد لتعلونا نحن الناضجين أظنه يرى العالم بشكل مختلف .. هل يشاهد الجدار على أنه كريمة مخفوقة ؟ هل يشعر بأن هذه الأبواب عيدان من الشوكلاتة ؟ ماذا عني ؟ كيف يراني ؟ هو يتأمل بذهول وأنا أنظر إليه بفضول .. مالذي قد يفكر به طفل صغير مثل هذا يا الله ؟

.

تعود جارتي لتأخذ طفلها وأعود لشرفتي لأرى حافلة المدرسة التي كنت أراها يومًا ما ضخمة بذات اللون الذي اعتدته في طفولتي وبنفس حماسنا أنا وصديقاتي ينزل أطفال الجيران ، وبقدر المرح الذي يعلو وجوههم أيضًا يملؤهم تساؤل ..

.

.

الساعة الآن تشير إلى الـثانية عشر مساءً ، تذكرت موعد إطعام سلحفاتي وحزنت ، تلك السلحفاة السريعة .. -خضراء اللون عينان صغيرتان ، على عنقها يرتسم خط كـلون الشمس- .. غادرتني منذ مدة ليست بقصيرة دون أن تودّعني .. لطالما عرفت أنني أكره لحظة الوداع لكنني حقًا اشتقت لها .. أتمنى أن تكون بخير .
يقطع تفكيري بها صوت القطة مالذي أتى إليها بمنزلنا؟ يبدو أنها تشعر بي .. الحمد لله لقد نسيت باب المنزل مفتوح ، أظنها تختبئ من ابن جارتنا .. أحضرت لها بكرة صوف .. هوايتها الدائمة أن تلعب به .. قالت لي أنها تشعر بالضجر في بعض الأحيان من ذلك الطفل .. وأنه يؤذيها كثيرًا دون ان يشعر .. هي لم تكمل حديثها حتى طرق باب بيتنا ، إنه ذات الطفل التي تتذمر منه يسأل عنها بخوف وحب .. لا أظنه يعلم بأنه يؤذيها حتى .. يحمل على وجهه ابتسامة صفراء يدّس خوفه بطريقته .
أخبرته بأنها لديّ وأن عليه أن يحسن التصرف معها ، يومئ لي على عجل وحين يراها يعانقها بعنف .. لن يعي بعد ما أقول .. مازال طفل ..
ويمضي عمري وأظن أنّ هوايتي في التأمل والحديث مع الأشياء التي أحبها أكثر من البشر لم تتغير ..

.

.

وسيبقى الصباح ، الغيوم ، اللون الأزرق ، رائحة مخبز الحي ، المطر ، صوت المطر ، ورائحته، السلاحف ، قطة جارتنا ، و الأحلام أصدقائي .. ماذا عن أصدقائكم؟

الإعلان
المقالة السابقة
أضف تعليق

5 تعليقات

  1. حبيتها كثير لاني احب حكيك واحب تفاصيلك شفت حاجات كثير فيها منك هيا جزء منك ❤️

    رد
  2. ما شاء الله تبارك الله فنااانه
    استمتعت بكل جزء من القصه.. اتعمقت في دواخلي وحسيت بيها
    اتمنى انك تواصلي دا النوع من الكتابه انا لا اراديا قررت اكون صديقتك 😂❤ دمتِ بحب عزيزتي تستحقي لقب كاتبه ❤

    رد
  3. fatimah Hussain

     /  جانفي 4, 2018

    أنا أيضا أعشق الصباح ، نسيم الفجر ، شروق الشمس ، الصباح = البدايات 💜

    رد

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

  • الأرشيف

  • Goodreads

  • تحديثات تويتر

%d مدونون معجبون بهذه: