مرحبا بـ سعادة يا أصدقاء
الصباحات اللطيفة عادت من جديد ، و كل ما أفكر فيه ماذا سأصنع على الفطور هذا اليوم ؟ أي كوبِ سأختار؟ وبأي كتابِ سأبدأ..
لا أعلم إن كنتم تذكرون إحدى تدويناتي السابقة وكمية الأعمال المتراكمة التي كانت تسرق مني النوم.
اليوم اكتب لكم وقد أنهيت وبحمد الله كمية المشاريع والمناقشات المفترض أن أنهيها برضا تام عن نفسي ، أنهيت أيضًا اختباراتي لهذا الترم ، الأكثر تعبًا على الإطلاق أو على الأقل كما أتمنى .
حسنًا مازلت أصر على أن ” حياتي الجامعية تفيدني أكثر من محاضراتي الجامعية ” حقيقة لا مجرد حديث ، وإن كنت أقضي الوقت ركضًا مابين محاضرة لأخرى إلا أن الفائدة العملية حقًا عليّ من حياتي فيها أكثر وضوحًا وأثرًا من غيرها.
يمر الوقت وتلتقي بأشخاص وتمر بـ مواقف ، اليوم تعلمت أن الخروج في الساعة العاشرة سيكون الطريق مليئًا بالشاحنات ، وقبله تعلمت أن عليّ أن أشرب قهوتي ساخنة في وقت قياسي ، وآخره تعلمت أنّ عليّ اختيار صديق يعرف كيف أن يكون شخص واحدًا معي أو مع الآخرين لا يغلبه الضعف ولا خوف وجهة نظر الطرف الآخر.
يحزنني جدًا كون الإنسان عبد بالتعريف ، إذ لم يعرف أن يوجه عبوديته ندم بعدها وتحسّر ،كل الألوان والأشكال من البشرية تندرج جميعها نحو مسمى واحد “عــبــد”، و حقيقة عبوديته تلتصق به أكثر من جلده .
وعلى هذا فإنّ العبودية لله هي مرحلة معينة من العبودية ، هي الأرقى بالطبع والأكثر قربًا والتصاقًا بحقيقة الأشياء *..
العبودية لله هي ربط العبودية الكامنة في داخلك باستحقاقها الأصلي *
وادوات العبودية ستجعلك دائمًا عبدًا لشيء سواء أدركت ذلك أم لم تدركه ، اقتنعت به أم لتقتنع به ، انت دائمًا عبدًا لشيء..
كون الإنسان عبد يعني أنه يحتاج لأن يخضع لشيء أن يكون عبدًا له..
بالتأكيد لا يعني هذا بالضبط أن تكون عبدًا لتمثال أو ما إلى ذلك ، لكن أشكال العبودية تختلف ويبقى جوهرها واحد وهو الخضوع وهو السبب الرئيسي في الارتباط بتلك الأشياء المختلفة أيًا كانت..
قد تتمثل هذه الحاجة للخضوع في حاجات مختلفة سواء كانت دينية ، فلسفية ، أو فكرية ..
كما تختلف طقوسها سواء كانت بالاجتماع حول شيء ما وأداء شعائر تقليدية ، أو حتى في الخضوع لشخصٍ ما لاراءه أو نمط تفكيره ، بعمليات غسيل مخ أو حتى بملء إرادتك..
إذًا .. ليس هناك حرية ، ليس هناك إلا الخضوع ..
عبوديتك قد تتمحور حول ذاتك حتى ، حول اراءك واعتقادك بها وتسليمك لها حول سعيك خلف أهواءك أنت هنا أيضًا عبدًا لها!
يقول الله تعالى ” أفرأيت من اتخذ إلهه هواه و أضله الله على علم”
عبودية أخرى هنا.. قد تكون سعيت كثيرا حتى لا تتبع أفكار مجتمعك أو أو ، لكنك في الأخير عدت لتعبد شهواتك انت..
حتى الحرية الشخصية بطريقة أو بأخرى عبودية أخرى !
لكنها بطريقة ما عبودية بقيود غير مرئية ، على سبيل المثال قيود أي سجن ما أوهمت الناس يومًا ما بأنهم أحرار عكس قيودك التي تشعرك تمامًا بحريتك.
سعيك الدائم خلف ما تهوى وما تريد من أي شيء ومن كل شيء هي بذاتها عبودية ..
الحرية الوحيدة التي تملكها باختصار ، هي ” حريتك لاختيار نوع عبوديتك“!
وتبقى العبودية الوحيدة التي تكون حرية ممكنة هي ” عبوديتك لله “.
اممم بعيدًا عن أمر العبودية التي قد لا يعجبك..
يؤسفني جدًا الحديث عن هذا ، لكن المؤسف أكثر أن تسعى في حياتك كلها لأن تتبنى نمط تفكير أحدهم ، أو تسعى لأن يرضى عنك أحدهم ، كيفما يقول تقول ، كيفما يهوى تكن، أن تمشي خلفه دون تخطيط أو تفكير ، أن يفعل لتركض خلفه فقط.. أن يضيع عمرك ثم تنظر للوراء ندمًا.
يؤلمني حقًا كوني أرى الكثير يسعى خلف غيره خوفًا من ألا تُقبل وجهة نظره أو لا يقول الحق خوفًا من أن يُنبذ ، أن يعيش حسبما يرى الناس تريد ، و أنني أنظر دون أن أستطيع مد يد المساعدة لهم ..أنك تعلم انهم على خطأ لكنك تخشى قوله فتعيش الباقي من عمرك متبعًا لهم..
محزن جدًا أن تقرأ هذا الحديث أيضًا ولا تعود لتفكر حقًا أي فكرٍ تتبنى، وأي حياة تعيش..
*من كتاب عالم جديد ممكن..