يمر الوقت بمنحنى غير تقليدي للعادة وإن تشابهت الأنشطة الأساسية فالتجارب و الأمور التي نمر بها مختلفة و الدروس العائدة بها لنا متغيرة الألم و إن كانت ثابتة الفائدة دائمًا.
قد تتغير القناعات مع الأيام و تنشأ مبادئ جديدة لم تكن ، و تُمنح أرواحنا ألوان مختلفة مما جابهناه فيما مضى ، ولكن هناك أيضًا أشياء تلتصق بنا و تبقى.
٢ ديسمبر و سنة جديدة .
.
مع الكثير من التجارب و التغييرات التي كانت .
أشعر بأنني متصالحة اليوم أكثر مما قبل مع مسألة العمر ، و فكرة تصالحي مع ذاتي تكفيني جدًا ، و لنأمل الحفاظ عليها.
موقنة تمامًا بأنّ الشخص هو من يصنع لحظاته بنفسه ، و هو من يتحكم بردة فعله تجاه أي موقف ، بالتالي فإن الشعور اللحظي بيدي تمامًا ، و إن كنت لست شديدة التحكم به.
.
.
ما زلت أصنع نكهة معينة لكل فترة حياتية ، أحب الفكرة جدًا أيضًا ، وجود طعم ما في روتين مدة ما لأتذكرها ، أحب تغيير القهوة و طريقتها من فترة لأخرى ، أو الوجبة الخفيفة . .
و مازالت الطبيعة بالنسبة لي معنى الجمال ، يعنيني منها أبسط الأشياء ؛ ضوء القمر في حلك الظلام ، صوت العصافير في وضح النهار، و أشعة الشمس التي تتغذى عليها حجرتي. الشعور بأنني ابنة للبحر أعيش بين المد و الجزر كما العادة يراودني .
.
.
أحب التأمّل كما كنت و كما أتمنى أن أبقى ، التأمل في الطقوس الصباحية من أكثر الأمور متعة ، بينما أنت تستغرق في النظر وعلى جانب الطريق مسّن يكد ، و طفلة تغالب النعاس ، غيره .
أكثر الأمور رؤية في الصباح هذه الأيام لي ، هي قطة أم ترضع صغارها ، الكثير من الأطفال يحملون الحقائب متوجهين إلى المدرسة القابعة في منتصف الطريق إلى ذهابي للجامعة ، كتابات جدارية رغم أنني لا أرى فيها فنًا كما للفن الجداري إلا أنّ للكلمات فيها معنى .
.
.
أحب التأمل في وجوه المتعبين ، القرّاء و المتأملين أيضًا ، لسبب ما .
الأماني تتسابق رغم أن الهدف في ذهني أبسط من كل هذا ، أشعر بقيمة الوقت أكثر يومًا بيوم و أنّ كل ما مضى لن يعود لذا عليّ تمامًا التصالح مع ما يمضي و التفكير جيدًا في قرارتي الحالية.
إضافة عادات و الابتعاد عن أخرى ليس بالأمر السهل بتاتًا ، لكنه يومًا بيوم يضحي تحدي أسهل و يضفي لي معنى أكثر لما أعيشه.
.
.
أحاول اقتناص الفرص التي تهرب من بين يدي ، و أظنّ أنه لا جدوى من كل هذا ومع هذا أحاول .
يأخذني التقدم في العمر على منحنى لم أتوقعه تمامًا ، لكننا نعيش لنرى . لا أرى بتاتًا أن للنضج عمر معين ، بل إنني أعتقد أنّ فكرة شعورك بأنك ناضج تعني أنك بعيد عن هذا المعنى حاليًا ، لكن تغيّر الهموم مع الوقت يشعرني بأنني فعلًا أتغير بشكل واضح و إن كان تدريجي.
ليس الحال دائمًا على نفسه ، لكن التقلّب هذا يضفي إليّ معنى حياتي لأستطيع الشعور بمختلف الأمور ، و لكي يكون للطعم فرح لا بد من التعب قبله.
.
.
أنا اليوم بين أمور عدّة تقبع في مجال اهتماماتي على رأسها القراءة و إن كنت منذ مدة لم أتعامل سوى مع الكتب الصوتية ، إلا أنني أفضل ذلك عوضًا عن أن أكون منقطعة عنها تمامًا.
لا أعلم فعلًا ما الذي سأكون عليه غدًا مثلًا ، لكن الأمور التي أحافظ عليها اليوم و بجد ، أتمنى أن تبقى دائمًا
مع تغير الأمور و وجهات النظر من فترة لأخرى ، باقية على قناعة إنّ التصالح مع الذات أولى خطوات الرضا عنها ، و أول خطوات التغيير فيها ، و أكثر الأمور إنجازًا بالنسبة لي ، التصالح مع الذات و هو أساس تقبّلنا و الاستفادة من كل ما نمر به .
.
.
نواجه يوميًا مئات المشاعر منذ اللحظة التي نستيقظ فيها إلى حين موعد نومنا من جديد ، و كل هذه المشاعر سوف تبقي فينا أثرًا ما ، لكن المهم و المدهش أننا وحدنا المسؤولين عن كل هذا ، ردة فعلنا تجاه الأمور و ما يعود إلينا من شعور خلالها هو بيدنا فعلًا ، و هذا ما أظنني أسعى إليه غالبًا ، المقدرة على التحكم بردة الفعل قدر الإمكان .
.
قد يتغير الروتين و تتجدد الأحداث تمامًا ، لكنني أتمنى رغم كل ما أراه من تعب و إحباط أو انتظار ، أن أبقى أتعلم من كل هذا ، ألا يضيع وقتي سُدى .
.
فَوجودنا في هذه الحياة تكمن لذته في التعلم ، لا أريد فعلًا الشعور بأنني غاضب لأني مررت بتجربة ما دون أن يخبرني أحدهم عنها ، التفاصيل قد تتلف الشيء أحيانًا.
.
و مشاركة التجارب مع الطرف الآخر أو قراءة ما يمكن قراءته عن هذه التجارب لا يعني بأننا سنكون محترفين فيما نخوضه ، لا بد من بعض الأمور التي نستكشفها بنفسنا ، التعلم الذاتي و إن كان يكمن في أمور كثيرة فالتجربة خير برهان عليه.
.
وما يخلف التجارب سوى الخبرات ، كل هذا سيضفي لنا شيئًا جديدًا.
.
سنة جديدة ، سنة أفضل مما أريد يا الله ، و باختياراتك و لطفك و كرمك يا الله ، و من واسع فضلك اغدق عليّ يا الله . آمين .