مرحبا جميعًا و يوم سعيد عليكم.

.

سأكتب هنا تدوينة قد تساعدكم كما أتمنى نوعًا ما في تنظيم صرفياتكم في سبيل تحقيق التوازن بشكل أفضل من الناحية المالية.

كل مايكتب هنا هو تجربتي الشخصية و بعض البحث بالتأكيد.

.

قبل البدء من المهم فعلًا أن تكون مقتنع بإن بإمكانك التنظيم و تنوي العزم على ذلك، فكرة أنك سوف تقرأ و تسمع الكثير ثم لا تقوم بفعل أي شيء منتظرًا من أن يتوزع دخلك/مصروفك بين حاجياتك بشكل تلقائي هو أمر مستحيل، إلا في حالة كنت تملك مدير أعمال فلا أظنك ستحتاج لقراءة هذه التدوينة لول .

.

باختلاف ما إذا كنت موظف أو تستلم مكافأة شهرية من الجامعة أو حتى تعتمد على دخل من الأهل، دائمًا يمكنك التنظيم بإذن الله. هذه التدوينة لا تتعمق في جانب معين، وما يُذكر فهو مجرّد أمثلة.

أولًا/ عليك معرفة تحديدًا أين يذهب كل قرش حرفيًا، و لأنني جربت فعل ذلك عن طريق التذكر فإنها بالنسبة لي طريقة دائمًا تفشل، استخدمت شخصيًا برنامج مصاريف والذي أظن أن أغلب تدويناتي هنا تتحدث عنه، لا عجب عمومًا فقد أحدث فرق مذهل جدًا معي.

.

معرفة أين تذهب مصاريفك ستساعدك على تنظيم ذلك بشكل رائع، الموقع في الأعلى سيساعدك على فهم كل شيء. ولكن بشكل مبسّط، البرنامج سيطلب منك في البدء وضع دخلك تحديدًا، و بعد ذلك في كل مرة تصرف أي مبلغ تقوم بوضعه رقمًا وتصنيفه مثلًا (طعام-كتب-صيدلية-…). البرنامج سيقوم بوضع ملخص أسبوعي وشهري لك باستمرار بطريقة سهلة وملونة وتوضح لك إجمالًا النسب بين كل صرفياتك.

 الصورة أدناه مرفق من موقعهم بمزايا البرنامج:

.

في حال لديك برنامج آخر تفضله، أو طريقة أخرى لتوضيح طريقة توزيع دخلك، فقم بما ترتاح به، لكن عمومًا البرنامج سهل جدًا وواضح. حافظ على مراقبة مصروفك وتنظيمه بشكل مستمر، ولاحظ التغيير في كل مرة و استمر بتعديله كما يناسبك.

ثانيًا/ كما قلت في الخطوة الأولى، سيكون لديك تصنيفات مختلفة كمدخل، وبنهاية الأسبوع/ الشهر تستطيع رؤية كل شيء بوضوح، ومن هنا نقطة التغير الأولى، شاهد أكثر الصرف يذهب إلى أي فئة وقم بالتغيير بشكل تدريجي، في حالتي مثلًا كان الطعام هو أغلب ما يذهب إليه دخلي، وبعدها بدأت بإعداد وجباتي بالمنزل بشكل كلي تقريبًا مع وجبات خفيفة أيضًا أحضرها معي للدوام.

.

وللتذكير التغيير لن يكون سهلًا، ويتطلب جهد و عزيمة لأن دائمًا الصرف أسهل من القيام بتغيير قد يحفظ لك الكثير. هناك أمور متخصصة أكثر فإذا كانت أعلى صرفية تذهب مثلًا للفواتير فيمكنك البحث أكثر حول التوفير في مثل هذا الموضوع كالأشياء المختصة ببعض استخدامات الأجهزة الكهربائية ونحوها.

ثالثًا/ مصاريف أخرى أقل نسب ومع ذلك متواجدة بشكل شهري أو أسبوعي عليك أن تعيد النظر إليها، مثلًا مستلزمات من الصيدلية، لأنه من السهل جدًا شراء كل منتج جديد لتجربته كغسول، مع أنه في حقيقة الأمر لن ينتهي كل غسول بهذه السرعة، و ستتراكم عليك الكثير من المنتجات وتصبح الخيارات مكدسة بدون فائدة.

.

عليك أن تعي تمامًا أهمية أن تخفف من شراء كل شيء خارج قائمة احتياجاتك، لست ضد فكرة تجربة منتج أفضل، أو شراء أكثر من منتج، لكن بقدر معقول، فهل شراء غسول بشكل شهري يعني أنك تقوم باستهلاكه؟

مالفائد من مراكمة الكثير ومن ثمّ رميها؟ كما أنّ النتائج لأي منهم لن يكون واضح باستخدام 5-6 في وقت واحد، لا وقد يكون أحدهم ذو فائدة والبقية مجرد شكل ومازلت تظن أن النتيجة التي تحبها هي باستهلاك كل هذه القائمة!

رابعًا/ هناك مصاريف قد لاتكون شهرية، لكن مع ذلك تحدث فرق كبير كالتسوق وخصوصًا التسوق الإلكتروني. في حال كنتوا من الأشخاص الذين لا يقاومون رغبتهم بتاتًا في الشراء، جربوا في البداية التخفف أو التوقف كليًا عن متابعة الأشخاص الذين يعرضون بشكل يومي قائمة شراءهم من مواقع مختلفة وغيرها. أنت تعرف في الآخر أن الكثير فقط يفعل ذلك من أجل الإعلان. كما أن عيش الحياة بهذه الطريقة الاستهلاكية ستأخذ منك الكثير، في حال كنت تحبّ ترتيب مصاريفك، إبقاء مبلغ جانبي دائمًا (لشيء تخطط له، أو عند الحاجة تلجأ له) عليك أن تعزم فعلًا على التغيير.

.

أيضًا لتجنب الشراء بشكل زائد جدًا عن الحاجة، جرّب أن تصنع قوائم تسوق و تلتزم بها، الطريقة تساعد كثيرًا على التركيز حتى في انتقاء المحلات التي تتسوق فيها. كما أنه يمكنك التركيز على الجودة إن كنت من النوع الذي تشتري بعض الأشياء بشكل مكرر قد يكلفك أكثر من شراءه مرة واحد من مكان مضمون أكثر. جرّب المقارنة بين شراء المنتج من أماكن مختلفة، كما أنه حاول الحفاظ على الاتزان عمومًا في الشراء بفرز مقتنياتك مسبقًا.

حاول تصليح ما تستطيع من أشياء بدلًا من دفع أكثر من ضعف المبلغ في شراء مثيله، كما أنه من الممكن تجربة عمل بعض الأشياء في المنزل بدلًا من شراءها إن كنت تحبّ ذلك.

خامسًا/ خصص جزء من دخلك في حساب آخر، لخططك الخاصة، أو حتى لما لاتعلمه مما قد يأتيك. على الأقل 20% ويمكنك زيادته على حسب حاجتك للصرف.

.

هذا المبلغ من الممكن وضعه لتحقيق أمر تصبو إليه، سواء شراء شيء شخصي توّده، أو البدء بعمل خاص تنتظره أو أو… و أعتقد أننا دائمًا ما نحتاج لمبلغ معين في سبيل حاجة.

سادسًا/ هناك أمور تحتاج لتغييرها كنمط حياة كامل، في حال كنت من الشخص الذي يتأثر بكل شخص يخرج لمقهى، يشتري هاتف جديد، … ففي حال كانوا من وسائل التواصل الاجتماعية يمكنك إلغاء متابعتهم ببساطة، لكن الأمر لن يتوقف هنا فقد يكون أصدقاءك أو أشخاص آخرين مقربين منك ممن لديهم القدرة على الصرف بدون أي تفكير مسبق على كل شيء، تذكر قبل كل حاجة أن أهدافكم مختلفة، و أغراضكم مختلفة، و أنه يمكنك عيش حياتك كما تريد بطريقة منظمة لا مبعثرة ومليئة بالاستهلاك. لذلك لن تستطيع تجنب كل شخص، عليك أن تشعر بالقناعة التامة في شخصك بأنه لكل شخص نظامه الخاص، و ظروفه المحيطة، شخص دخله مخصوص به، و شخص عليه أن يصرف على عائلة بدخل محدود، و آخر يأخذ مصروف متى ما أراد بدون أي قيود. نحن في منتهى الأمر مختلفين تمامًا، هناك أشخاص نمط حياتهم مرتفع جدًا و استهلاكهم طبيعي، و آخرون لا مشكلة لديهم أن يتدينوا في مقابل أن يظهروا بمظهر طبقي أعلى. أنت تحدد ما إذا كنت توّد أن تعيش بقدرتك و بشكل منظم بدون تقشف ولا تبذير، أو غيره. رغم أنها أمور نسبية و لا يمكن الحكم عليها بشكل واحد.

.

القناعة تكون ليس بأن ترضى بشكل تلقائي، لكن بالتوقف أولًا عن المقارنة بالآخرين، فلكل منّا حياته التي قد لا يعرفها كليًا عن الآخر. كما أنه يمكنك وضع أمور للحد وفي نفس الوقت بدون حرمان مثلًا ( سأجرب هذا النوع الجديد من البّن بمجرد انتهائي من هذا).

سابعًا/ هناك أمور شخصيًا أقوم بها بشكل دائم وقد تكلّف مجرد الفكرة مثل الهدايا، لكن شخصيًا كهدايا بدون مناسبات تكون شيء بسيط، أنا أحبّك لذلك أنا أهديك، لكن قيمة الهدية لا تقلل من قدرك أو ترفعه. الهدايا في المناسبات الخاصة تختلف طبعًا، لكن الهدايا الدورية يُفضل أن تكون بسيطة، حتى يظهر فرقها عن غيرها.

ثامنًا/ هناك فترات قد تصرف فيها أكثر من غيرها، كفترة شراء مستلزمات الدراسة، هنا عليك أن ترتب حاجياتك القديمة، فمثلًا لديك الأدوات المكتبية الأساسية (مقلمة، قلم ملون، أقلام رصاص). ومن ثم تكتب مالذي ينقصك بالضبط لشراءه، بدلًا من أن تشتري أمور كثيرة لديك مثلها في البيت أكثر مما بالسوق.

تاسعًا/ لن تستطيع الصمود لو قررت أن كل مايقوله الناس صحيح، هناك مثلًا أشياء تشتريها كالأجهزة، و قد تعيش معك بحالة جيدة تمامًا، لكن بمجرد أن كمّل سنة يسألك الآخرين عمّا إن كنت تشتري الجديد في السوق، (هذا في حالة لم تفكر في ذلك بنفسك). إن كنت من النوع الذي سوف يشتري لكل مناسبة، لكل تقنية، لكل …. بمجرد نزولها، أو بمجرد أن الناس سيبدؤون بسلسلة “ليش ماتشتري…؟” فلن تستطيع التغير أبدًا. الناس يتحدثون كثيرًا كل ماعليك هو أن تقتنع بما تريده أنت، لأنه في منتهى الطواف رضاهم لن يُدرك.

.

أخيرًا/ استخدامك للأشياء يختلف عن استخدام الآخرين لها، كثيرًا مثلًا ما تشتري النساء حقائب، لكن البعض منهم يعرف جيدًا كيف يحافظ على حقيبة بسعر يكفل جودتها و يبقى يلبسها فترات طويلة جدًا تمتد لسنين و لا يدعو لذلك لأي إحراج كما يظن البعض. تستطيع العيش كما يريدك العالم اليوم، وتستطيع العيش كما تريد أنت إلى حدٍ ما على الأقل، المهم أن تقرر نمط حياة كامل بطريقة تنظيم صرفك.

دمتم بخير جميعًا، يمكنكم المساهمة في التدوينة القادمة من هنا.