كيف غيّر الامتنان حياتي

IMG_2975.jpg

هنا ديسمبر وبعد فترة طويلة من انقضاء هدفي في بداية 2017 عن مشاركة الامتنان بشكل يومي قدر الإمكان. أستطيع القول فعلًا أن الامتنان غيّر حياتي!

لم يكن التغيير السحري يومًا ما منطقيًا بالنسبة لي، وقد لايزال. لا أستطيع استيعاب كيف لأحدهم أن يقول عن كتاب/فيلم أنّه غير حياته. بمعنى مهما قيل دائمًا أتصوّر أن هناك مواقف متراكمة أتى بعدها الكتاب/ الفيلم ليكمل الموضوع.

رغم أنني أؤمن بأن لتجربة هذا التأثير، لأن في التجربة وقع في النفس مختلف، ولأنّ الشخص بعد تأثير موقف وصدمة قد يتغير كثيرًا فوق ما تتخيله نفسه حتى.

لكن الامتنان فعلًا غير حياتي، وليس بطريقة سحرية، و إنما بشيء من التدرّج، إنّ في تعويد النفس على أمرٍ ما، حتى يصبح جزءًا لا يتجزأ منها، عملُ كثير. وهكذا كان الامتنان معي، ومن هنا بدأت أشعر بأنّ روحي تتهذّب شيئًا فشيئًا.

قد لا أكون بتلك الإيجابية لمن يعرفني، وقد لا يراني شخصًا من بعيد بأنني سلبية، لكني واقعية جدًا، وأحب أن أرى الأمور بصورتها الحقيقية، ليسهل عليّ فيما بعد التخطيط وعمل مايلزم. لأستطيع العيش بدون التخبط في سقف التوقعات قدر الإمكان.

.

وهنا كان الامتنان حلًا. دائمًا ما أفضل أن تكون لي مساحتي الشخصية، وقتي الشخصي، و التفكير في أمر يومي ليساعدني فعلًا على معرفة ما أنا عليه اليوم، ماكنت عليه أمس، مالذي أستطيع فعله ليكون غدًا أفضل بإذن الله.

قررت أن أدوّن امتناني بشكل يومي، ليساعدني في تأمل النعم التي يسبغها الله علينا. كنت أدوّن باستمرار خاصةً في قناتي بـ Telegram. وفي مرات أُخر كنت أكتفي بتذكّرها لأن الوقت مرّ على اليوم كله. إنّ فكرة الامتنان كانت تساعدني كثيرًا في المضي، مهما مررت به، هذه السنة لم تكن متوقعة بالنسبة لي، ولا زالت هناك أمور كثيرة مستمرة لم أتوقعها.

.لا أحد يتخيل ما تمرّ به، وماتعيشه. مهما بدا قريبًا منك. كانت ومازالت هذه السنة عبارة عن الكثير من الهبوط ثم العلو قليلًا، وعمومًا لست من الأشخاص الكتومين رغم التحفّظ، لكنني أتحدث كثيرًا عن أموري الشخصية مع من أعدّهم مقربين، والذين على الأغلب لاحظوا الكثير من المشاعر التي مررت بها، أعتقد بأنهم أيضًا لاحظوا أنه رغم كل شيء فإنّ ختام كلامي فيه من الرضا، و أنني أعرف أنني بخير جدًا. و أنّ الخير آتٍ من عند ربٍ كريم.

.

إن الامتنان يمنحني الكثير من لحظات تبعدني عن السخط، لحظات تخبرني كيف أنني مازلت أنعم بالكثير لكنني أحتاج لأن أوسّع بصيرتي أكثر، فالماء يعني و الطعام يعني والمسكن يعني الكثير والكثير والكثير. أن يبتسم لك أحدهم، أن يمّد لك العون دون مقابل، أن تقف في موقف لتخرج منه بفكرة مذهلة، الدهشة، القهوة، الصدف، كل ما صُنع بحبّ، الأصدقاء، الفرص، الحبّ وقوته، الطبيعة، الكلم الطيّب. الكثير مما يجعلك حامدًا لله.

أمور صغيرة، تفاصيل دقيقة، الإلهام، من نحبّ، كل ممانعم به ونغفل عنه! العافية، للأشخاص الذين يسمحون لكلماتنا أن تأخذ من وقتهم، لأفكارنا أن تُشارك، لأنهم يرونها تستحق لا من أجل أنهم يتفقون معنا فحسب!

لمشاعر الإنجاز مهما بدت في عين الكثير بسيطة، للمشاعر الحلوة، للكتب، لأصحاب الطهي المذهل، للمشاركة في التوصيات/الطعام أو حتى الحديث، للأيام الخفيفة على الروح، للدعوات الباردة على القلب، للمطر، للبحر، لاستغلال الوقت، لأصحاب الروح المبادرة أيضًا.

.

لليسر الذي ننتظره، لمن يهبنا اليقين في العتمة، لله، لمن يرينا الحديث من منظور مختلف، لمتعة التعلّم، لمشاعر السلام بعد الفوضى، للقدرة على التعاطف، للإنسانية، لعطايا الربّ، للأمور التي تمنحنا شعور الخفة،  للذين يتركون مجرى الكلم الطيّب إلى قلوب الآخرين.

الامتنان قد يكون للأيام المتروكة لمزاجها اللحظي، للباب الذي لا يغلق أبدًا للدعاء ومدى اتساع مساحتنا للتعبير عمّا نريد، للحديث المناسب بالوقت المناسب، لما يحدث صدفة وأنت بأمس الحاجة إليه، وصفات القهوة، متعة أن تقوم بما تحبّ، للخطط المفاجئة، للهدايا، وللعافية دائمًا.

لمن يتذكر تفاصيل بسيطة عننا، للدعوات اللطيفة، للمطر أيضًا، لليقين، محاولات المقاومة، للقلوب التي تسعنا، لمحاولات التجاهل، للجمال في كل مكان، للأمل، للقناعة، للمعرفة، للمصباح الذي يضيء في عقلنا مع كل معلومة، للتساؤلات الممتعة من حولنا، لمحاسن الصدف مثلما يقولون.

.

امتناني للامتنان بذاته، ولأنني حاولت أن أخصص وقتًا يوميًا وفعلت، أعرف جدًا مدى أثر الموضوع، أن يكون هناك شيئًا ما يطبطب على قلبك مهما ساء الوضع، ليس بطريقة توّد أن تركله، وإنما بطريقة تعلّمك أنّ ماعند الله خير، وما يأتي كله خير، ومايحدث كله خير.

بطريقة تريك أن تأملك فيما سبق من أيامك يريك أنها مهما ظننت بأن الأمر بلا حل، فاجئك بأكثر الحلول إدهاشًا. مما يعني أنّ كل أمرٍ سيمضي، و أنني قد لا أملك هذا اليوم لكن هناك ماهو أفضل لي.

 

سأستمر بكتابة ما أنا ممتنة عليه، لأنني أعرف إن انقطعت فسأعود بشكل تدريجي لما كنت عليه، إن نعمة أن تكون ممتنًا هو أن تكون دائمًا على بصيرة مما أنت عليه، وما تملك. مهما بدا سوء الحال، أو الموقف أو أو، ستعود لذاتك لتخبرك بأنّ لديك الكثير، وأنّ تذكر ما لديك سيساعدك على أن تهدأ أكثر، أن تحكم على ما يصادفك بحكمة أكثر، أن تحمد الله قدر ما تقدر، ألا تنسى صبحًا أو مساءً ” اللهم ما أصبحت/ أمسيت به من نعمة أو بأحدٍ من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر”.

المقالة السابقة
المقالة التالية
أضف تعليق

29 تعليق

  1. Alaa Homood

     /  ديسمبر 13, 2017

    قرأت خاطرتة الأكثر من رائعة وأنا ممتنة لذلك الوقت الذي قضيته وأنا أقراها، ممتنّة لحديثك الجميل عن الأمتنان، وممتنة لتلك اللحظات التي جعلتك تفرغين قريحتك بهذا الشكل الرائع، شكراً لوجودك في الحياة، ممتنة أيضاً.

    رد
  2. Amjad

     /  ديسمبر 15, 2017

    ممتنة لوجود حنان في حياتي ♥️.

    رد
  3. انا ممتنه لك يتصديقتي الملهمة✨💚🕊

    رد
  4. ممتنة فعلا لقراءة كلماتك العذبة، أتت في وقتها لتكون كالبلسم الشافي .. ممتنة لكل ما تكتبين

    رد
  5. Wafaa

     /  ديسمبر 25, 2017

    ممتنه لله الذي سخرليّ كلام جميل كهذا يفتح نوافذ الأمل والسعادة واستشعار نعمه عليّ ، الحمدلله على وجود أناس مثلك في هذه الحياة كلامهم يبعث بعد الله الطمأنينة في النفس ♥️

    رد
  6. ممتنة لمشاركتك تجربتك وكيف أن الامتنان غير حياتك، كلامك جداً رائع وملهم استمري.

    رد
  7. عبدالرحمن

     /  جانفي 5, 2018

    ممتن لك لأني لقيت كلام يلامس شيء مما يدور في ذاتي 🌹

    رد
  8. sophiazone

     /  جانفي 6, 2018

    في الخاطرة كمية حنان ولطف كبيرين💕💕
    غمرتني مشاعر سلام وامتنان وحب وأنا أقرأ🌿
    سبحان الله كيف حتى بداية يومنا عند الاستيقاظ “الحمدلله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور” يذكرك بالامتنان والشكر والحمد لله تعالى💞
    شكرا لك على هذه التدوينة اللطيفة ()

    رد
  9. سرمدية النقاء

     /  جانفي 6, 2018

    ممتنة لكِ على هذه التدوينة اللطيفة
    وسرورة لأجل الإنجاز الذي حققتيه

    أحب الذين يرسمون أهدافا ويحققونها
    وأحب الذين يمتنون للأشياء الكبيرة والصغيرة

    رد
  10. ممتنة لكلامك الجميل فتحتي عيوني على أشياء فعلا لازم اكون ممتنة لها ❤️

    رد
    • سعيدة بهذا ريڤا.

      أتمنى تلاقي بهالتجربة الكثبر مما تبحثي عنه.

      رد
  11. حبيت فكرة الإمتنان بالكتابة على إني في فترة من الفترات كنت أحب أتفكر فيها قبل النوم
    لكن حمستيني حقيقي إني أبدأ بكتابتها، أحس الكتابة غير إنها تركز في المخ أكثر؛ إلا إنها تبقى في ذاكرة الهاتف وأقدر أشوف الأشياء اللي أكون ممتنة لها مع تسلسل الأيام 💓

    تدوينة جميلة كعادة تدويناتك حنان 💖

    رد
    • سعيدة بقراءتك روان

      فعلًا الكتابة تمنحك حتى الاستمرارية🌿.

      وممتنة للطفك والله💓

      رد
  12. عادة جميلة جميلة جميلة ، اتمنى و اتمنى فعلا التزم فيها / مع اني امارسها في بعض الأوقات ، في مزاجات معينة ، ومع المور اللي فعلاً تأثر فيني خلال يومي ..
    اعتقد وقعها بيكون أجمل لو استمريت ، وهذي نيتي للعام الجديد بمشيئة الله

    شكرا لتحفيزك ❤︎

    رد
    • مع الاستمرار النتيجة تذهل✨.

      أتمنى أن تثمر معك التجربة 😌💪🏻

      رد
  13. حييت التدوينه جداً وكلامك اشعر بيه في قلبي لان اخر ٤ شهور من السنه كنت امتن شبه يومياً وفرق في حياتي كثيرممتنه لتدوينتك 💜

    رد
  14. الامتنان دائماً يساعدنا بتخطى الاوقات السيئة 💖💖

    رد
  15. ريم

     /  جويلية 25, 2018

    كلماتك جميله كاجمال اسمك الأمتنان شيء عظيم ممتنه لك ولصدفه التي ساقتني لقراءة حروفك ، إن شاء ببدأ رحلة الأمتنان كل يوم شكراً لك

    رد

اترك رداً على حنان إلغاء الرد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

  • الأرشيف

  • Goodreads

  • تحديثات تويتر