أهلًا وسهلًا،
لقد كانت شهرين مليئة، جدًا جدًا جدًا. معاملات ورسائل بريدية لا تنتهي، كل ما آن للنفس أن تأخذ فسحتها جد جديد. لقد كانت شهرين فيها قرارت كثيرة، لم أتوقع مني في يوم اتخاذها ولازلت أدعو أن يكون الخير فيها. لكنني مع ذلك ومقارنة بوضعي الحالي، فقد مشيت بشكلٍ ممتاز بفضل الله، هذا من أكثر العوامل التي ساعدتني خلال تلك الفترة. جدولي كان ممتلئًا بمواعيد كثيرة، بشكل غبي لم أستوعبه إلا بوقت متأخر، وعدت لألغي الكثير الكثير منها. أعني بعد أن اعتذرت نفسي عن بذل جهدها.
حاولت أن أستغل آخر ماتبقى من أيامٍ بالطقس الجيّد هنا. بالمشي واكتشاف الجديد لحدٍ ما. كان شهر رمضان أيضًا مليئًا وتحتاجه الروح.
كل شيء يمضي، الوقت لا ينتظر أحدًا. ومحاولاتنا نحو كل شيء، جهادنا الذي نقضيه في الوصول قد يعود علينا سلبًا. هذه ليست رسالة للاستسلام، أبدًا. لكننا في كثيرٍ من الأحيان لا نتوقع ثمن كل هذا. ثمن كل شيء خارج سيطرتنا، يسهل على من هو خارج هذه الدائرة بكثير أن ينصح دائمًا. ويغفل جهلًا عن أثر تلك الندوب في أرواحنا، أثر تلك الاستمرارية المرّة التي نجتهد في كل مرة لتجاوزها. يمنحنا الله القوة في أكثر الأوقات صعوبة، يُعجب الكثير بما يرونه، لا أحد غير الرب يعلم كل السعي، كل الليالي التي لم تشاركها أحد، كل المشاعر التي تنهكك. وكل فكرة تعود عليك بأنك ثقيل، ثقيل جدًا على أن تكون حتى متصلًا مع الواقع بالشكل الحقيقي والكافي. ثقيل حتى على نفسك. وكما يُقال “معاذ الله إني ما يئست، ولكنها والله أيامٌ ثقال”.
شعور بائس جدًا أن تنس معنى الطبيعي، وماهية ذلك. الحمدلله. لا شيء فعلًا يعيد الأمل من ساعة لأخرى سوى الدعاء. استشعار حقيقة أن كل شيء بيد الله، وأن العوض قادم بحوله وقوته لا محالة.
يمتلئ هاتفي في كل مرة برسائلٍ عديدة ممن أحبّ، ممن أعلم فعلًا بأن حديثي معهم سيحدث فرقًا، بدون مشاركة شيء. مجرد حديث، أي حديث. ممن أعلم صدقهم في محبتهم وسؤالهم. وممن يصعب علي في ظلّ كل هذا أن أشاركهم. رغم أنني أخفي كل ذلك، نعم. لأنه ليس شيئًا سهلًا ولا عاديًا ولأنني أعرف أنني لن أقبل أي ردٍ لا يناسبني. أبدًا. لست في مرحلة تقبل أي شيء من هذا.
ولكن الحياة تمضي؟ أليس كذلك؟
الحمدلله من قبل ومن بعد والحمدلله على كل شيء.