أهلًا،
لأسباب كثيرة، كنت مصرة أن أجعل هذه السنة مفصلّة كل شهر بشهره، لكنني أيضًا كنت مخططة لكل شهر قائمة من القراءة والأنشطة وو.. ولم تحدث، وبالطريقة الصعبة تعلمت أنّ علي تقبّل كل هذا، بأن أسلّم أمري لله، بأن أتقبل تغير الأحداث، واختلاف الخطط بشكل كلي وشامل، بأن أتفهم ظروف نفسي ومايحدث معي في كل فترة.
وجزء من قبولي أن أكتب هذه التدوينة، مدمجة فيها ٣ أشهر.
سنحت لي الفرصة للسفر في يوليو، لدولة عزيزة على قلبي، أحب هدوءها والطقس فيها، مريحة بكل المقاييس بالنسبة لي. قضيت فيها أيامي بالمشي وتجارب أكل جديدة، والمهم قضاء وقت أطول في الطبيعة لحدٍ ما. كنت أعتقد أن كل ما أحتاجه هو هذا السفر لأعود بشكل أقوى للدراسة، لكنني احتجت وقتًا أطول هذه المرة.
اعتمرت في أغسطس وعدت لمقاعد الدراسة من جديد، فالفصل الدراسي قد ابتدأ. كانت بداية صعبة بالنسبة لي وغير متوقعة، وعمومًا مواد الفصل الدراسي هذه مختلفة جدًا عن كل مرة وتتطلب جهد وتركيز مختلف، وبها من القراءة والكتابة الكثير والكثير..والحمدلله.
لا يمكن لأحد مساعدتك مالم تساعد نفسك، ولا يمكن ذلك لولا عون الله. أعرف يقينًا سعيي واجتهادي بأنه لولا توفيق ربي ما استطعت، ترددت كثيرًا في تغيير مواد هذا الترم والتي سوف تؤثر على ماهو قادم. بعض الأمور لا يمكن وصفها ولا شرحها بدقة، ولا نملك الطاقة والشعور لها. هي كذلك فقط.
مضى بعض الوقت وتمت بعض التسليمات، أسابيع مزدحمة عن غيرها كالعادة، لكن الحمدلله على تيسيره وفضله علينا، والحمدلله على الرفقة الطيبة والحمدلله على دعوات الأحبة.
أحد المواد لهذا الترم مادة اختيارية، في نفس الكلية ولكن بقسم آخر. تتركز أبحاثنا فيها على التكنولوجيا والاقتصاد والتعليم وفرص السعي لمساعدة الدول النامية، القراءة المكثفة في المجال لسبب ما تربطني كثيرًا بفكرة الاستهلاك الشائعة بشدة اليوم، وكيف أنّ هموم البعض عند البعض تبدو…
أحد التأملات التي تراودني كثيرًا هي ما الحد الطبيعي للاستهلاك؟ ما الذي يحدث في عالمنا اليوم؟ هل يمكن فعلًا الثقة بنوايا أي شخص يشجع على ذلك؟ هل يمكننا فعلًا أن نقول بأنها مجرد لقمة عيش؟ هل يمكن أن يكون مصدر رزقنا لا يشكل لنا أي شعور داخلي؟ لا أعلم لكنني أعتقد بأنه من الصعب جدًا ذلك.
لطالما آذتني فكرة التشجيع على الاستهلاك، والحث بشكل مستمر على أنّ حياتك لن تكتمل بدون هذا المنتج، أو أنّ كل شيء سيتغير بعد هذا المنتج، وكل منتج له نفس التأثير لكن صدقني أنت تحتاج لكل هذا! فكرة أن أكون كفرد أيضًا مشجع لكل مستهلك وضع ثقته فيني أنه يحتاج لكل هذا. أعرف أن هذا عمل طبيعي للشركات، في زرع الوهم بأنك تحتاج لكل شيء لتبدو حياتك أجمل وهي فكرة طبيعية لغرض التسويق والبيع. لكن إضافة الفرد لهذا اليوم من باب أنه أقرب للثقة والتصديق من الشركة هو رفع التسويق لمستوى آخر ذكي جدًا. والعجيب بأن الكثير من المستهلكين الغير عاملين بهذا المجال، يسعون اليوم لنشر نفس الأفكار السطحية بينهم البين، فبدون هذا المنتج أنت شخص عادي، وإن لم يكن لديك خطة لشراء هذا المنتج فليس لديك استحقاق.. وكلام كثير بين الوهم والأحلام ليعتقد الآخرون بأن حياتهم ناقصة بدون كل هذا..
وبين هذا وذاك، إن لم تكن تعرف مالذي تتعرض إليه بشكل يومي ومدى تأثيره فقد يسهل عليك التأثر بكل شيء أو اتباع نهج لا يعني لك شيء، أو السعي في طريق ليس بطريقك. وأبسط مايمكن تقديمه لأنفسنا هو الاعتناء بما نغذي به عقولنا وأجسامنا، فهذا أساس كل شيء.
العالم اليوم مفتوح ومتصل أكثر مما كان عليه، وكل يوم يتفنن العالم في التواصل. ومع علمنا بوجود الإيجابيات والسلبيات، إلا أنه قد نندفع تجاه الأمور بدون تقنين. لكن من المهم دائمًا أن نتذكر أن بإمكاننا العودة، بإمكاننا التغيير وبإمكاننا التراجع.. مادام الأمر يخدم مصالحنا ويعيننا على العودة لذواتنا.


