حيثُ الآف المشاعر واختلاط الوجيه والتعابير ، الكثير من المقاعد ورغم عددها فلا تكفي الحاضرين ، الصفوف المرتبة في كل زاوية من الأشخاص الذين ينتظرون و رغم كل الانتظار فلا يوازي شيئًا عند انتظاراتهم السابقة أو اللاحقة لما قد يكون .
هنا المطار
.
ونداءات الرحلات المكررة ، ومئات الشاشات المعلقة والتي تحمل عليها العديد من الأرقام تشير إلى رقم الرحلة و موعدها و…، الكثير من الوجوه المرتفعة معلقة عيونهم على الشاشات ، والكثير من العيون المتعانقة بعد الدخول لصالة المغادرة ، المشاعر هنا تغلب على كل مكان وأي مكان ، الطفل يهمس لأمه والأخ هنا ليعانق أخته ، والأم تذهب مع ابنها الأكبر لأمرٍ طارئ وتوزع القبلات لابنائها ثم ترفع الدعوات لربها ” اللهم أنت الحافظ” ، هناك صبيٌ غاص في بحر رواية ، و كبيرٌ ينظر لأخبار بلادٍ في حديث صحيفة ، و مغترب يتناول قهوة يعود ليراسل أحبته “إني عائدٌ اليوم” .
.
هنا ألف شعور و كلمة ، وألف صوتٍ و حركة ، جموعٌ مجمّعة بجنسيات وأديان مختلفة ، أحاديث كثيرة ، وصفوف طويلة وانتظارات عديدة قد تهون لدى البعض وقد تكون مملّة .
.
وبينهم وجهٌ يتأمل العابرين ويرى الصور ويقيّم الآخرين ويميز تعابيرهم ويحفظ التفاصيل يلتقط صورة ، يحب الشعور الذي يراوده هنا ، مثلي!
.
وحين يُنادى على الرحلات يصطف الجميع من جديد يتوجهون لمقاعدهم يعّم الصمت تُطفأ الأنوار استعدادًا للإقلاع وتبدأ الرحلة!
إن كان العالم نوافذ ، فأنا على يقين بأنّ المطار بوابته ، الطائرة مجرد وسيلة للوصول لتلك النوافذ.