مرحبا
كل سنة و أصدقائي القرّاء بخير.
هنا أول رمضان يمر على مدونتي ، والخطة كانت كتابة بعض التفسيرات المبسطة لأكثر السور التي نرددها بشكل يومي والتي ربما نسي بعضنا معانيها وأصبح يتلوها دون تدبر .
سأستعرض لكم سورة الفاتحة ، الإخلاص والمعوذتين.
اعتمدت بشكل كبير على تفسير ابن كثير عدا ذلك فقد ذكرت أي تفسير استخدمته في بقية الآيات
أولًا سيكون الحديث عن فاتحة القرآن :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
قوله تعالى: { بسم الله الرحمن الرحيم }: الجار والمجرور متعلق بمحذوف؛ وهذا المحذوف يقَدَّر فعلاً متأخراً مناسباً؛ فإذا قلت: “باسم الله” وأنت تريد أن تأكل؛ تقدر الفعل: “باسم الله آكل”.. (تفسير بن عثيمين)
قلنا: إنه يجب أن يكون متعلقاً بمحذوف؛ لأن الجار والمجرور معمولان؛ ولا بد لكل معمول من عامل..
وقدرناه متأخراً لفائدتين:
الفائدة الأولى: التبرك بتقديم اسم الله عزّ وجل.
والفائدة الثانية: الحصر؛ لأن تأخير العامل يفيد الحصر، كأنك تقول: لا آكل باسم أحد متبركاً به، ومستعيناً به، إلا باسم الله عزّ وجلّ.
وقدرناه فعلاً؛ لأن الأصل في العمل الأفعال . وهذه يعرفها أهل النحو؛ ولهذا لا تعمل الأسماء إلا بشروط
وقدرناه مناسباً؛ لأنه أدلّ على المقصود؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : “من لم يذبح فليذبح باسم الله”(49) . أو قال صلى الله عليه وسلم “على اسم الله”(50) : فخص الفعل..
و{ الله }: اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره؛ وهو أصل الأسماء؛ ولهذا تأتي الأسماء تابعة له..
و{ الرحمن } أي ذو الرحمة الواسعة؛ ولهذا جاء على وزن “فَعْلان” الذي يدل على السعة..
و{ الرحيم } أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده؛ ولهذا جاءت على وزن “فعيل” الدال على وقوع الفعل.
في الآية الثانية
{الحمد لله رب العالمين} الحمد لله أي الشكر خالصًا دون سائر ما يعبد من دونه ودون كل ما يبرأ من خلقه بما أنعم على عباده لا تعد ولا تحصى .
رب العالمين هنا الرب هو المالك المتصرف ولا يطلق اسم الرب لغير الله ولكن بالإضافة من الممكن أن يقال رب الدار على سبيل المثال.
والعالمين هو جمع عالم وهو كل موجود سوى الله عز وجل.
فلله الحمد كله الذي خلق السموات والأرض ومابينهما.
{الرحمن الرحيم} كما قد سبق من معانيهما
{مالك يوم الدين} مالك مأخوذة من الملك وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه لأنه لا يتكلم هناك أحد إلا بإذنه ، ويوم الدين هو يوم الحساب للخلائق وهو يوم القيامة يدينهم الله بأعمالهم غن خيرًا فخير وإن شرًا فشر إلا من عفا عنه.
{إياك نعبد وإياك نستعين} قُدم المقعول وهو إياك وكرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك ولا نتوكل إلا عليك.
الأول براء من الشرك والثاني براء من الحول والقوة والتفويض لغير الله.
{اهدنا الصراط المستقيم} من أكمل أحوال السائل أن يمدح مسؤوله ثم يسأله حاجته وحاجة إخوانه المسلمين وهنا قبل طلب الهداية للصراط المستقيم ، كانت الآية {إياك نعبد وإياك نستعين} تفاوتت الأقوال هنا والأغلب كان يقول أن الصراط المستقيم هو الإسلام .وقال ابن حنيفة الصراط المستقيم هو الدين الذي لا يقبل من العباد غيره .
{صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}
قال الضحاك بن عباس في (صراط الذين أنعمت عليهم) هو الطاعة والعبادة كما طاعتك من الملائكة والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.
غير صراط المغضوب عليهم وهم الذين فسدت إرادتهم فعملوا الحق وعدلوا عنه ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق.
سورة الاخلاص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
( قل هو الله أحد ) يعني : هو الواحد الأحد ، الذي لا نظير له ولا وزير ، ولا نديد ولا شبيه ولا عديل ،
( الله الصمد ) قال عكرمة ، عن ابن عباس : يعني الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم ومسائلهم .
( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) أي : ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة .
( ولم يكن له كفوا أحد ) يعني : لا صاحبة له .
المعوذتان وهنا حديث عنهما
عن جابر بن عبد الله قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اقرأ يا جابر ” . قلت : وما أقرأ بأبي أنت وأمي ؟ قال : ” اقرأ : ” قل أعوذ برب الفلق ” و ” قل أعوذ برب الناس ” . فقرأتهما ، فقال : ” اقرأ بهما ، ولن تقرأ بمثلهما ” .
سورة الفلق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
أي: {قل } متعوذًا{أَعُوذُ } أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم
(الفلق) اي الخلق
( من شر ما خلق ) أي : من شر جميع المخلوقات
( ومن شر غاسق إذا وقب ) الشمس إذا غربت .
( ومن شر النفاثات في العقد ) قال مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك : يعني : السواحر – قال مجاهد : إذا رقين ونفثن في العقد.
عن قتادة ( ومن شر حاسد إذا حسد ) قال : من شر عينه ونفسه ، وعن عطاء الخراساني مثل ذلك . قال معمر : وسمعت ابن طاوس يحدث عن أبيه ، قال : العين حق ، ولو كان شيء سابق القدر ، سبقته العين ، وإذا استغسل أحدكم فليغتسل (تفسير الطبري)
سورة الناس
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
أول ثلاث آيات هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل : الربوبية ، والملك ، والإلهية ؛ فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه ، فجميع الأشياء مخلوقة له ، مملوكة عبيد له ، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات
(من شر الوسواس الخناس)قال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله خنس ، خنس أي اقتبض.
( الذي يوسوس في صدور الناس ) هل يختص هذا ببني آدم – كما هو الظاهر – أو يعم بني آدم والجن ؟ فيه قولان ، ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليبا .
( من الجنة والناس ) وهذا يقوي القول الثاني . وقيل قوله : ( من الجنة والناس ) تفسير للذي يوسوس في صدور الناس ، من شياطين الإنس والجن ، كما قال تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) [ الأنعام : 112]