ليست الحياة على موقف واحد، وحياتنا تبنى على خبرات لامنتهية، من الجيد إلى السيء، ومن أكثر الأمور رأيناها مذهلة، لأسوأ الأمور التي اعتقدنا أنها ستهزمنا، لكننا في آخر الأمر مضينا، لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها. وبين هذا وذاك، أصبحنا نعمل جاهدين لنصل لما نحبّ، آملين أن نتجنب المتاعب، و إن صدفت تذكرنا ماقد مضى وهمسنا هذا الأمر سيمضي!
أن تسعى جاهدًا لأن تكون مستقلًا قويًا ومعتمدًا على ذاتك، لا يعني بالضرورة أن تقسو عليها وتجلدها. لا أعرف لماذا حتى في سيناريوهات القصص/كتب/أفلام، يبدو لنا القوي “منكسرًا” لأنه تعرّض لخيبة أو فشل في تجربة أو حتى مرض مرضًا شديدًا.
لماذا تُربط القوة في أذهاننا بشكل قاسي ومرعب وخالي من الإنسانية، وكأنّ على الأقوياء التخلي عن عواطفهم ونبذها، رغم أننا في منتهى الأمر بشر، تحكمنا التجارب والعواطف والمنطق في أي أمر. ومهما ملنا للحيادية إلا أننا لا نتجرد من هذا المزيج الطبيعي، والذي يدفعنا لاتخاذ قرارات بشكل متكامل مبني على خبرة وشعور وحجج.
إنّ محاولة الجمود والتجرّد من الشعور بأي موقف طبيعي يمر بنا، وإخبار الذات بشكل مرعب بأنها أقوى من كل شيء ولا شيء قط قد يؤثر بها. يذكرني كثيرًا بحديث البعض للأطفال -الذكور- بأن “لا تبكي إنت رجال”، وبدون الخوض في مسألة أنّ البكاء لا علاقة له بالجندرية، إلا أنها مسألة مستفزة جدًا وكأنّ عليك التجرد من شعور عادي بمجرد اختلاف جنسك.
كلنا إنسان لا شعور غريب علينا. وليس علينا التجرّد ومحاولة تظاهر قد تفشل غالبًا لتنفجر على أمرٍ تعلم تمامًا بأنه ليس سبب استياءك، ثمّ نليها بأن لا شيء ولا سبب خلف ذلك. لك الحق أن تعيش شعورك كاملًا، وأن تكون بفترة ما منغمسًا في كل ماقد يحملك نحو التجاوز.
جزء من القوة، أن تتقبل ما تمرّ به، وما تحتاج للقيام به، وماقد تتعرض إليه، جزء من القوة أن تتعامل مع مشاعرك بشكل تلقائي، أن تواجه الأمر لا تركض، القوة في اللين، في ألا تكون صلبًا فتُكسر، أن تعرف ذاتك وما تحتاج إليه.
جزء من القوة أن تتعامل مع مشاعرك بشكل صحي، ومع ماتمرّ به كتجربة، لن أقول إنك ستُبهر رغم حزنك بأنها تجربة جيدة، لكنك مع الوقت على الأقل ستعرف كيف أن التجارب أفضل بكثير من أن تكون بعيدًا عن كل ذلك ولا تعرف مالذي سيحدث لو خضت هذا الأمر.
تصالح مع نفسك قدر الإمكان، وتأكد أنّ شعورك طبيعي، وإن كنت تفضّل الانعزال مثلًا أو ممارسة أمور معينة قد تخفف عنك ثقل ماتمر به، كن صريحًا مع المقربين حولك، حتى لا يصبح الموضوع ضاغطًا عليك، أخبرهم بأنك تمر بمرحلة مختلفة وتحتاج وقت للتكيف. لك الحق في ذلك، لك الحق في أن تغضب وتنزعج، ومثلما تشارك من تحبّ مشاعرك وقت الفرح، فمن الأولى أن يتفهموا أيضًا شعورك بالانزعاج.
لا بأس بالبكاء، بالتقلّب، بكل المحاولات، لا بأس بمحاولات الكتابة، والركض، وممارسة الهوايات القديمة، والانعزال متى ما أردت، و لقاء الأصدقاء إن أحببت، لا بأس بكل ما يتطلبه لكي تمضي فترة مرورك بهذا الشعور، لا تقسو على ذاتك كثيرًا، فكما لها نصيب من التجارب الطيبة، عليها أن تمضي خلال التجارب السيئة بقبول، ليتم التجاوز. وهنا فقط تكمن القوة.
سُ
/ فيفري 23, 2018كلمات جدًا واقعيه تلامس التفكير والشعور 🙊👏🏼👏🏼
ASHWAQ
/ فيفري 23, 2018القوه انواع كما ذكرتي واعتقد ان ثقافة المجتمع تبنت نوع واحد حتى تلاشت معه الانواع الاخرى واصبح مفهومها السائد !
رائعة ي حنان ك عادتك .
حنان
/ مارس 17, 2018أتفق معاك. وسعيدة بك يا أشواق، لطيفة دائمًا.
N
/ فيفري 24, 2018فتحت تويتر وحصلت مدونتك كأنها جت بوقت تواسي فيه قلبي
Radha
/ أكتوبر 9, 2018كتبت ما صعُب وصفه ❤️❤️