أهلًا وسهلًا،
نسعى في كل مرة بخطط وأهداف محددة، آملين أن تسير كما أعددنا، ومعتقدين أنها الخطة المثلى. وفي كل مرة نتعلّم بأنّ لا يحدث سوى ماهو مكتوب لنا، وأنّ الرضا يهوّن علينا هذا الطريق. فالحمدلله، والحمدلله والحمدلله.
أحد مواد هذا الفصل الدراسي أخذتها كمادة وحيدة اختيارية من قسم آخر، لأنني أريد جانبًا مختلف وإن كان من نفس الكلية لكنني في أمسّ الحاجة لشيء جديد هذه المرّة، ودكتورة المادة أرسلت عدة إيميلات منذ تسجيل المادة لما قبل بداية الترم، ومن ثمّ أعادت حديثها في عدة محاضرات بأنّ المادة تتطلب الكثير من الجهد والقراءة والكتابة المكثفة وأنّ من لا يرى ذلك في نفسه فالأفضل ألا يكمّل. وبالوضع الذي كنت فيه، كان الموضوع يزعجني جدًا وكأنه تذكير مستمّر بأن تتساءل عن مكانك الصحيح، ورغم أن الدراسات العليا بالذات مبنية على القراءة والكتابة بشكل مستمر إلا أنه على الأقل أول أسبوعين كنت أفكر إن كنت فعلًا سأكمل في هذه المادة. تتطرق لمواضيع مختلفة لم تمرّ علي من قبل بهذا الشكل ولم أكن مهتمة بهذا الخصوص مسبقًا، ولكن بفضل الله وكرمه تقييمها لما كنت أسلمه بشكل أسبوعي كان يمنحني شعورًا مريحًا وانطباعًا جيدًا. لذلك قررت أن أقاوم رغبة الحذف، ولا أنسى كذلك استشارات الأصدقاء هنا. قبل أن ينتهي الترم كانت تثني علي بشكل مستمر، والصدفة الرائعة أنها كانت تعمل في مشروع مذهل أعرفه من قبل ولا أعرفها بشكل شخصي، وكنت أنوي المبادرة إلا أنها سبقتني بالدعوة لأن أعمل معها، نعم هذا فضل الله.
كان فصلًا دراسيًا مختلفًا وبين بحثي الخاص والمواد تخليت عن أمور كثيرة أستمتع بها بالعادة، لكن للأمانة لم أتخيل يومًا مدى الجهد الذهني الذي أحتاجه!
بين هذا وذاك ازدحمت خططي الخاصة مع ما أريد عمله قبل الترم القادم وبين ما عليّ عمله أيضًا. وماحدث هو تيسير من الله لأمور كثيرة ولقاء الأصدقاء هنا وهناك. وإعادة فهم لكثير من مفاهيمي بالحياة، بشكل لم أسعى له، هي الأمور تترتب وتتهيأ من غير تفكير أحيان، تتساءل فيها عمّا كان كل شيء أبيض وأسود، وتحاول تقبل أن هناك الكثير من الرمادي.
تخليت عن خطط كثيرة لخطط لها أولوية، وجددت العهد بفهم أولويات كل فترة وأن أتعاطف مع ذاتي أكثر وأتفهم ما أمرّ به، من المستحيل أن نقوم بكل شيء في نفس الوقت، من المستحيل أن نصل لكل شيء بذات اللحظة، ونظرًا لأنني شخص كنت أضغط على نفسي كثيرًا لتحقيق كل قائمة أهدافي بالوقت المحدد، أعتقد بأنني الآن في وضع أفضل حين تعلمت أنّ لا بأس من التخلّي في بعض الأحيان، لا بأس للتركيز على أمور عن أمور، ولا بأس بأن نغير الخطة في منتصف الطريق. رغم صعوبة الفكرة، تقبل ذلك سيهوّنها.
والحمدلله على خيرة الله.


