تأملات في التعاطف مع الذات

أهلًا وسهلًا،

هذه تدوينة للتأملات، هي لي لاحقًا، وربما تخاطب شيئًا ما بداخلك.

اليوم من الأيام العاصفة لي ذهنيًا، غادرت منزلي وعدت لعدة مرات، أمور متعلقة بدراستي وبحثي وعملي في سويعات تتغير. عمومًا هذا الفصل الدراسي عجيب جدًا ولست أتسرع بالحكم عليه. لكنني اليوم وجدت نفسي بمنتصف المشي أتأمل في موقفي الحالي ومدى التغيير والمسؤولية التابعة لهذا التغيير وكيف ستؤثر في الفترة القادمة كذلك.

اليوم في وسط هذه الفكرة، ووسط هذا السيناريو الذي تكرر عليّ لأكثر من مرة خصوصًا مع الابتعاث، قلت لنفسي “أنتِ فعلًا تمرين بالكثير!” ووصلت لاستنتاج أنّ عليّ الاهتمام بنفسي أكثر في المرحلة القادمة، أن أتواصل مع أحبتي أكثر لمشاركتهم ما أمرّ به، وأن أنتبه لأكلي وحركتي اليومية وسط المشاغل. اليوم تعاطفت مع نفسي بتلقائية، رغم أنني أتمرن على ذلك من وقت طويل إلا أنني لم أتخيل أن يصبح الفعل تلقائي.

قبل أسبوعين بالضبط وجدت نفسي غاضبة على أمر بسيط جدًا، واستوعبت حينها أنني تحت تأثير الكثير مما حاولت التكيّف معه باسم المرونة وأنها فترة وتمرّ بدون التفكير في أنني سأتأثر حتى وإن كانت مؤقتة. عدت لألملم ماتبعثر وكتبت كل مافاتني كتابته، وشعرت بالاستياء أنني أتوقع من ذاتي أن تكون على أتم الاستعداد دومًا بدون النظر إلا أنها تمر بالكثير وعليّ فهم ذلك.

لذلك شعوريّ اليوم كان مبهجًا، رغم أنني في الحقيقة لم أتجاوز وأستوعب كل التغيير الحاصل، وما هي العواقب والمسؤوليات الإضافية الناتجة، والتي عليّ إيفاءها في فترة وجيزة. نعم أتفهم أنها ستكون فترة ضغط عالي، وأدعو الله أن تتيسر بكل خير ونتيجة طيبة، وأسعى لأن أتفهم تعبي الفترة القادمة وأراعي ذاتي في التخفف من بعض الأمور وبالمقابل في الاهتمام بها وإعطائها حقها من كل شيء.

لأسباب كثيرة، كأن تعدّ كل مرحلة نوع من التحدي والذي عليك تخطيه، ومن ثم إيمان المقربين بك رغم أنه رزق عظيم والحمدلله إلا أنه قد يشعرك بعض الأحيان بأنّ عليك ألا تعبّر أو تبوح بالشكل الواقعي، وأن تمضي الأمور بهدوء أكثر. أعرف أنني شخص أحاول حماية خصوصيتي وأفضّل العمل بهدوء، إلا أنّ هذا الطبع ينسيني في أحيان كثيرة بأنّ أحبتي متواجدون ويريدون أن يكونوا معي بالمرحلة، يريدون الاستماع والدعم بكل ما يستطيعون. أعتقد في أحيان كثيرة، شعور الثقة من أحبتك يشعرك بعبء الفضفضة، لكنني تعلمت مقاومة هذه الفكرة قدر الإمكان.

اليوم بالذات وأكثر مما سبق، أستطيع القول بأنني فعلًا أمر بالكثير، وأنني فعلًا أقدر ما أقوم به، وأنني أحمد الله في كل لحظة على كل شيء، كل قوة وتسخير وفضل يمنحني إياه طول الطريق. أمرّ بالكثير وأسعى في أغلب الوقت بصمت مطلق، وأعلم أنه قد يزعج البعض من دائرتي المقربة إلا أنه هذا شخصي الحقيقي لا أستطيع أن أكون سواه، ومع ذلك لا أردّ سؤال أحبابي، وأحب الحديث لهم وأشعر بالقوة مع احتوائهم، أحيانًا كل مانحتاجه فعلًا هو حديث صادق نعلم أن خلفها دعوات كثيرة. أنا في خضم مراحل جديدة ومسؤوليات مختلفة ولأول مرة، شعوري بالخوف طبيعي وأسعى لأن أتعلم منها بما أستطيع.

نتدرّب على المهارات ما دمنا نسعى لتحسين ذواتنا، ونأمّل فعلًا أن تصبح تلقائية في تعاملاتنا، أن نقدّر ذواتنا جيدًا وكل سعينا، وأنّ نقدر نعم الله علينا في كل شيء.

منذ بدأت بفهم التعاطف مع الذات، وأنا بين صعود وهبوط فيه. أنسى في مرات كثيرة ومن ثم أعود لهذه النقطة من جديد. وحواراتي مع صديقاتي تذكرني به كثيرًا. أن أراني كما أرى أحبتي، وأكثر، أن أرى الجهود والسعي وتحمل كل مايخلفه ذلك كأمرٌ غير مسلّم به. أن أتفهم أثر ذلك وأسعى لمساعدتي بما أستطيع، من تفويض مهام أو تغيير خطط ليتماشى معي في فترة معينة، وأنه مهما بدأت فتراتي متشابهة من الضغط المستمر لمدة طويلة ألا أقلل من ذلك وأنسى تأثيره الجليّ علي. كثير من الأمور بالدراسات العليا باختلافها تحمل وزن وضغط عالي جدًا، ولهذا أعتقد أنّ البعض قد يشعر بالفرق بعدها ووجود بعض الفراغ أو الشعور بأن هناك شيئًا ناقص بعد التخرج. رغم أنني متأكدة بأنّ مسؤوليات المرء لا تنتهي هنا، إلا أنّ هذا النوع من الضغط المستمر والمتجدد قد يشعرك بأن هذا الوضع الطبيعي لك ولحياتك وماسواه هو خلل.

مع ذلك، أدعو الله أن يكون القادم أجمل وأفضل وأهدأ بكل خيرٍ وعافية. أن تكون الأمور أكثر استقرارًا وطمأنينة وأن يمنحنا بفضله كل قوة ورحمة وتسخير في هذه الحياة.

أضف تعليق

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

  • الأرشيف

  • مدوّنات أخرى

  • Goodreads