الماجستير: “عند الصبح تبتسم الأماني!”

ابتعاث ١٠١: البحث عن قبول

ابتعاث ١٠١: الأسئلة الأكثر شيوعًا

ابتعاث ١٠١: مابعد الوصول

 

متى بدأت الرحلة؟

تقريبًا قبيل منتصف ٢٠١٩، تغير عملي وأصبح هناك هدف جديد وهو إكمال دراستي العليا بحول الله. بدأت وقتها بترتيب خطة لدراسة اختبار اللغة IELTS واختبار آخر متطلب لأغلب الجامعات بأمريكا آنذاك -إن لم يكن كلها- في تخصصي وهو GRE. قررت التركيز على اللغة مبدئيًا وثم الانتقال للآخر لأن ليس لدي أي فكرة مسبقة عنه وكل ما أعرفه أنه يحتاج تحضير قوي جدًا. ومن هنا توكلنا على الله وبدأنا.

سيأتي الحلم في مشكاة فجرٍ

عند الصبح تبتسم الأماني 💫

كالعادة قبل كل استعداد أعددت خطة مبدئية بالوقت والمصادر، وبدأت التحضير بشكل مكثف جدًا. كنت أخصص أكثر من ساعة يوميًا مع اللغة بشيء أحبه بالإضافة للدراسة. كان من الضروري بالنسبة لي دمج مصادر المتعة مع الدراسة، لأنني حجزت موعد في غضون شهرين للاختبار. مع العمل على المهارات بشكل يومي كنت أختبر كل أسبوع مرتين بشكل تجريبي لأحدد نقاط الضعف لديّ. وفي لحظة إدراك قررت أن أعود لمسألة البحث عن جامعات مبدئية لمعرفة شروط القبول فيها ومنها الحد الأدنى لدرجة اللغة، بهذه الطريقة أحدد هدفي. وفعلًا قمت بهذا وعدت للدراسة بشكل أوضح. لا أتذكر وجود خيار محوسب، وربما أكون مخطئة، لكنني اختبرت ورقي وكل ما أتذكره أنني تعبت من الكتابة في الاختبار وتساءلت عن متى كانت آخر مرة أحاول الكتابة تحت ضغط محدودية الوقت.

مالذي تحتاجه للاختبار؟

في البداية عليك أن تعرف أنه لا يوجد خطة واحدة محددة للجميع. المستوى يتفاوت وأيضًا وضع الجهد الكافي قد تتفاوت نتيجته بين البعض. أنصح بأخذ اختبارات تجريبية باستمرار خلال التحضير والصدق مع الذات في تدريبها. وضع الجهد سيثمر بإذن الله ولكن لا تستعجل النتيجة بدون وقت وجهد كافيين. لا توجد طريقة سحرية للموضوع والسعي الحقيقي مطلوب لتحقيق كل أمر له عائد بإذن الله. استعينوا بالله ورتبوا وقتكم مع مصادر مناسبة. هناك الكثير من المصادر المجانية المتاحة للجميع، الكثير من الشروحات التي قد تناسبك أو تناسب غيرك. يمكنني العودة للكتابة بالتفصيل ووضع مصادر في حال يوجد طلب لذلك أيضًا.

بالنسبة لتجربتي الشخصية، فقد كنت شخص أطوّر لغتي باستمرار منذ المرحلة الابتدائية خصوصًا أنني كنت في مدارس حكومية، لذلك كانت هناك جهود عائلية وفردية للموضوع. واستمريت بذلك طوال فترتي الجامعية، بالإضافة لأن كل دراستي باللغة الإنجليزية مع كتابة مكثفة تقريبًا بكل المواد وبشكل أسبوعي من التسليمات بالإضافة لأنني كنت أعمل بشكل تطوعي في ترجمة بعض المقالات والفيديوهات. كل هذا بالنسبة لي كان أمرًا وما حاولت فعله بعون الله بعد تخرجي من الجامعة هو أمر آخر، بدأت بالاستماع لبودكاست وقراءة كتب في مجالات تهمني باللغة الإنجليزية لتكثيف الجهود، قبل أن أنضم للعمل الأكاديمي، وخصيصًا بعد شرائي للـKindle حيث أُتاحت لي فرصة القراءة بشكل أكثر تنوعًا وأقل تكلفة. استمريت بهذا إلى حين بدايتي للعمل وأكملت في ذلك، وأستطيع القول بأن شعوري بالإحباط في كل مرة كنت أستمع فيها ولا أفهم محتوى الجملة كاملة. لكنني خلال الرحلة تعلمت أن أتعاطف أكثر مع ذاتي وأعطي الموضوع وقتها الكافي، وكل هذا يستحق. اللغة مهارة تتطلب الاستمرارية والمحاولة وعدم التوقف قدر الإمكان، والتعرّض لها بكل الأشكال لتحسين كافة المهارات في نفس الوقت.

تم الاختبار بفضل الله وتيسرت الأمور بعونه، وقررت البدء بالاستعداد للاختبار الآخر وبدء العمل على بعض طلبات القبول في الجامعات. حيث أن كثير منهم كان يقبل إتمام الطلب ومن ثم إرسال الدرجات بأي وقت في مدة محدودة لمدة القبول. فكانت فرصة لي أن أنهي بعض المهام العالقة والتركيز أكثر فيما أريد العمل عليه. بالنسبة لي كان الاختبار فوق ما أتخيل من مستوى، وأعتقد أنني أخذت فيه فرصتين. هذا الاختبار بالنسبة لي كان مجهد بشكل غير معتاد، اجتهدت فيه بكل مصدر ممكن، وكل مرة كنت أشعر بعده بسوء. المشكلة بالنسبة لي تكن في الوقت والتفكير بالسؤال، تساءلت وقتها هل انقطاع بسيط بعد الدراسة يأخذ مننا كل القابلية بشكل سريع؟ خصوصًا أنني لم أتوقف عن الاختبارات والدراسة منذ تخرجي لفرص عمل مختلفة. وبالمناسبة، هذه التدوينة عن تخرجي من أجمل التدوينات التي ستمر عليك. أنصحك بقراءتها لاحقًا!

بعد الفرصة الثانية تقريبًا كنت قررت أن أتم كل بقية طلبات القبول، ونعم كل هذا التحضير والبحث عن قبول يحتاج منك استعداد ذهني ومادي.

أدعوك ياربِّ في فألٍ وفي ثقةٍ..

يا ربِّ نوِّل فؤادي ما تمناهُ🥹

ماذا بعد؟

كنّا والزميلات نتحدث بشكل يومي عن طلبات القبول، ومالذي فعلناه، مالذي نحتاجه للتحضير، ومالخطوة القادمة ومتى تبدأ رسائل القبول تهلّ علينا. الانتظار موحش للأمانة، شعور متذبذب كل يوم، ودعوات كثيرة مستمرة. وعيون تتردد على البريد ومواقع الجامعات على أمل ظهور النتيجة. 

بنهاية ٢٠١٩ومقتبل ٢٠٢٠ تقريبًا كل الرسائل وصلت، وبدأنا التفكير والمقارنة بين الفرص مانريده. قبل أن أكمل، أريد القول أن لهذه الرسائل مشاعر مبهجة جدًا جدًا، أسأل الله أن ينوّلكم مرادكم بكل خير ورضا.

وإني لَأرجو اللهَ حتى كأنّني

‏أرى بجميلِ الظّنِّ ما اللهُ صانعُ💛

٢٠٢٠ نعم تلك السنة، التي من المتوقع أن تاريخها مرتبط بذهن كل شخص بما تحمله من ذكريات. وبالنسبة للكثير من تحديات وصعوبات، وأعتقد أن قصص المبتعثين لها نصيبها من ذلك. كان قبولي في كل الجامعات للبدء بالدراسة في النصف الثاني من السنة، في الفترة التي كنّا فيها نعمل عن بعد. كنت أمشي كل يوم أتأمل السماء، بدون أي طائرة تعبّر. أعرف أن الوضع كان مفزع للغاية، لكن كان لنفسي غاية آملها وأراها بعيدة. للموضوع أبعاد أخرى لا أريد التفصيل فيها، وتعقيدات تظهر هنا وهناك تشعرني بأن الموضوع لم يكن مجرد مسألة بحث عن قبول جامعي، ولكل منا ظروفه الخاصة. أعتقد في خلال شهرين قررت وقتها أن أحذف كل وسائل التواصل الاجتماعي، حتى الـWhatsApp كوسيلة تواصل.

كنت أتواصل مع المقربّين بالاتصال، وتقريبًا ظللت قرابة السنة على نهجي هذا، مع كل ماكان يحدث. كنت بين العمل والتواصل مع الجامعات أو قضاء الوقت مع الأهل، بين تجارب القهوة والطبخ والخبز والتدوين اليومي قضيت أيامي. تأخرت جدًا في طلب تأجيل قبولي الجامعي، والجانب الجيّد من أزمة عالمية أن الجامعات كانت متفهمة أمور كثير، ظللت متأملة مع كل مرة أنه سأستطيع البدء بالدراسة خلال تلك السنة، لكن وقتها حتى موضوع الفيزا كان مغلق بشكل كلي. من جماليات تلك الفترة أيضًا هو رمضان، دعوت واستخرت وصليت، رغم أن كل تفكيري هو البدء. لم أفكر حتى في كيفية شعوري أو هل أنا فعلًا مستعدة، ثم قررت أن أستثمر هذا التفكير في استكشاف الولاية، مضيت أيامي في Google Maps واكتشفت أن لدي موهبة في إيجاد أي مكان يستحق الزيارة لاحقًا. صنعت قوائم ورتبت ملفات لأماكن سكن وتأثيث وغيره، كان هذا يساعدني نوعًا ما على الشعور بأنّ الأمور ستفرج بعون الله.

على نهاية السنة، تيسرت لي بفضل الله موعد الفيزا، كانت فترة غريبة بكل المقاييس فعلًا، بعد أن يتم طلب الموعد يتم إلغاؤه وهكذا كل مرة بسبب الأزمة العالمية طبعًا، فوق ٥ مرات يتم الموضوع، نعم كل هذه الأحداث كانت تجعلني أتساءل لو كان علي الاستمرار فيما أقوم به ووجود زميلات في نفس المعمعة كان يسهل الحديث معهم في الموضوع. أيضًا، هنا دعوات صادقة ومستمرة لكل الذين دعمونا في تلك الفترة، لكل الذين أعطونا ولو بضع كلمات تعيننا على المقاومة. لكنني كنت أقول لنفسي، سأفعل مالذي بيدي فعله، وكيفما/متى ما تيسرت فهي من الله.

تركْتُها لكَ يا اللهُ في ثقةٍ

‏أنَّ الأُمورَ على خيرٍ ستُجْريها 🌱

وصلت الفيزا الحمدلله، وهانحن ذا في مرحلة أخرى، هل سيفتح الطيران؟ هل ستتم الموافقة من كل الجهات؟ هل سنبدأ ببداية ٢٠٢١ أم أننا سنضطر لتأجيل آخر. كنّا وبشكل يومي نتواصل هاتفيًا وبالبريد مع كل شخص تمر عليه معاملاتنا لتمضية الأمور، ومع كل الأحداث الأخرى كان الموضوع بطيئًا جدًا. تبقى على بداية الدراسة أقل من شهر ولسنا نعلم. انشغلت بالتزامات أخرى عائلية وأتذكر في وسط جلسة يصلني اتصال ثم رسالة بقرار ابتعاثي، كانت لحظة منتظرة بكل شوق! فالحمدلله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه.

مع هذا الأمر لم يتم فتح الطيران بعد، وتم الإعلان ثم الإغلاق في غضون أسبوع. مع أمور أخرى كانت مطلوبة مثل تصريح سفر. في الحقيقة كل هذا السعي كان مجهدًا، كل باب أمل كان يفتح ثم يغلق باستمرار، وكل هذا كان بسبب ظروف عالمية تحدث في كل مكان، لذلك أعتقد أنني لم أستوعب أي شيء حتى تلك اللحظة، أمضي وأردد: 

وصبرًا فالأماني مقبلاتُ

تكادُ تكون عن قرب تكاد

أليس الفجر يخرج من ظلامٍ؟

ونور الصبح يسبقه السواد؟🌟

ذهبت لإنهاء بعض الأوراق من قسم الرجال ومنها تذاكر الطيران، كان يوم عجيب. تعطلت السيارة ومكتب التذاكر كان ممتلئ والنظام كان غير سلس والتأخير في قمته. بعد الانتظار لبضع ساعات قررت العودة للمنزل والمجيء في وقت آخر. في المساء ذهبت لمكتب طيران آخر وكان الوضع أسوأ بمراحل، بسبب حالة الإغلاق في كل مرة، الكثير من الوافدين يريدون السفر ولا ألومهم في ظل تلك المأساة، كلًا يريد أحبته. في اليوم الثاني وبعد الفجر وقبل حتى أن يبدأ عمل الموظفين ذهبت هناك، أنهيت كل شيء في أقل من نصف ساعة نعم، والمفاجأة بسبب قلة الرحلات كانت الرحلة المتوفرة لي خلال يومين، عدت للمنزل أخبرهم “بعد غدٍ سيكون السفر إن شاء الله”.

في ذلك الوقت نزل علي كل شعور لم ألتفت له بسبب كل الأحداث، لم أتخيل هذا الكم من الشعور أبدًا. كل شيء كان مضاعف. بدأت أعد شنطة السفر، أرتب وأفكر وأحاول قمع دموعي. كانت يومين مليئة بالبكاء والعناق. عفوًا يومين قبل السفر لأنني لم أتوقف بعد السفر.

تسهلت بعون الله الأمور وسافرت مع أحد أفراد عائلتي، لتبدأ الرحلة بحول الله.

حلمي غداً ألقاه كالصُّبح يأتيني 

‏إني دعوت الله، والله مُعطيني♥️!

مع كل ماحدث معي، كنت وصلت بعد بداية الدراسة بأسبوع تقريبًا، رغم أنّ الرحلة تحددت في يومين نعم. لذلك ورغم بكائي المستمر من جدة ولحين لحظة الوصول. إلا أنني حين وصلت كنت بدأت بالمحاضرات على الفور، كان من تيسير ربي أنني وصلت قبل بداية نهاية الأسبوع، استطعت أن أنجز فيها بعض المهام كطالب دولي بين البنك وسفير وشراء شريحة واستخراج بطاقة الطالب الجامعي. وبدأت رحلة البحث عن سكن، رغم كل تجهيزاتي المسبقة لم أسكن في أي من الأماكن التي وضعتها في القائمة، وفي زحام الأمور، وقعت عقدًا كان مطلوب مني مايقارب ٥٠٠$ كمبلغ مبدئي، ليتغير لاحقًا إلى ٥٠٠٠$! لا أستطيع وصف شعوري ولا أفكاري وقتها، وينص العقد أنني بمجرد التوقيع ملزمة بدفع المدة الكاملة في حال تراجعت، عدت للسكن للتفاهم واتضح أنه خطأ منهم لكنهم فعلًا في حال أتممت الأمور يريدون المبلغ (٥٠٠٠$) رغم أنه مرت أسبوعين بالفندق الذي ظننت أنني سأغادره في يومين، لكنني مع ذلك قررت أن ألغي عقدي معهم وأكمل البحث. وتيسر لي في نفس اليوم مكان آخر بفضل الله، وقعت معهم وبدأنا بفقرة التأثيث.

أعتقد هناك صورة ذهنية بما يخصص التأثيث، وهي صورة منطقية لشخص بدأ للتو. اشترينا كل ما يمكن شراءه للبداية، خصوصًا أنني وقتها في الأسبوع الثالث من الدراسة ومرحلة التسليمات قد بدأت. للأمانة مشاعري ووضعي الدراسي كان مختلف جدًا عمّا عهدته، رغم أنني كما قلت سابقًا لم أنقطع عن الاختبارات مثلًا، إلا أن الانقطاع عن الدراسة لفترة يحتاج تدريب للنفس واستعادة قدرتها في ذلك. حتى مع العمل الأكاديمي كل شيء مختلف لأنك هنا في موقف الطالب والمتلقي. أتذكر أنني لأول مرة وجدت نفسي أبحث عن فيديوهات حول كيفية الدراسة🫢

أظن بعد السكن بعدة أيام استوعبت حجم التغيير، في المكان وفيما عليه الرحلة. بالنسبة لي كان شعوري غريبًا في المدينة، لا تشبه كل المدن التي زرتها، ولا تتشابه الطرقات. كان الطقس باردًا جدًا في فترة وصولي، وكنت أمشي لفترات طويلة، لم أكن مرتاحة بشكل كلي ومازلت أحاول استيعاب التغيير. في أحد الأيام قررنا الذهاب لشراء بعض الحاجات، وفي الطريق وبغضون دقيقتين شاهدت بحيرة بجانب سكني! فتحت الخريطة ورحت أشاهد المسافة بيني وبينها، وقررت زيارتها في نفس اليوم. بالتأكيد المسافة مشيًا حوالي ١٠ دقائق، لكنني عاهدت هذا المكان في كل يوم، مشي وأحاديث وأفكار ومشاعر كثيرة.

صار هناك روتين محدد تقريبًا بعد المحاضرات قهوة ومشي، عشاء مبكر في أغلب الأيام وجلوس مطوّل على الجهاز للدراسة. كنت وضعت جدول لكامل الفصل الدراسي بكل متطلباته وبالتواريخ تقريبًا، في محاولة مني لتنظيم ذهني وفهم أولوياتي. تعرفت في تلك الفترة وبعد استقراري في سكني الخاص على رفقة طيبة ولطيفة، كنا نتشارك الخروج والحديث والتجارب الجديدة.

 

وأيسر ما يعطي الصديق صديقه

  من الهيّن الموجود .. أن يتكلّما🫂

 

لكنني قبل المضي من هنا أريد الحديث عن أول فصل دراسي، عن توقعاتي مقابل تجربتي:

بالبدء، كل الذين شاركوني تجاربهم كانوا يخبرونني بأن الماجستير أسهل بكثير من البكالوريوس، وبأن المواد فيه مكررة مما سبق دراسته لذلك لا يوجد شيء جديد كثير وبأن وقتك الخاص للاستكشاف ومعرفة المدينة والسفر سيكون أكثر بكثير! ومجملًا كل الذين شاركوني كانت نفس التجربة، وبعضهم ممن يشاركني التخصص (باختلاف الجامعة طبعًا) لذلك كنت متحمسة وواثقة من ذلك. لكنني تفاجأت جدًا بمستوى المواد والمتطلبات وراودتني كل الشكوك في قدراتي بكل صراحة! أتذكر أنني مررت بشعور سيء لفترة ليست بقصيرة، وفكرت بتغيير المواد أو أو، رغم أنني سأعود إليها لأنها مطلوبة مني. وعلى فكرة، تجربة السفر المتكرر وكل هذا لم يكن جزء من تجربتي على الإطلاق وقتي لم يكن يسمح أبدًا على الأقل ليس في غضون الفصل الدراسي.

تحدثت في تلك الفترة لاثنتين من الزميلات، وأخبرتهم عن وضعي وشعوري بكل مصداقية، وشاركوني تجاربهم المختلفة عن سوابقهم. بأنه كل هذا طبيعي وعادي وأنه طبيعة البرنامج إذا اختلفت يختلف كل شيء، بالإضافة طبعًا لاختلاف المواد والدكاترة وغيرها. والأهم أنهم شاركوني بعض النصائح في كيفية العمل مع نوعية المتطلبات الصعبة أو حتى بالتعامل مع مشاعري الخاصة تجاه ذاتي.

بالنسبة لي لم يكن الموضوع سهل بشكل كلي، كنت أضع الكثير من الجهد وأغلب الوقت في دراستي، وكان لديّ بعض الاختبارات في إجازة نهاية الأسبوع، لذلك كنت أشعر بالسوء أيضًا أنّ وقتي الخاص مأخوذ ولأن الكثير من حولي ممن يرتادون نفس الجامعة وباختلاف التخصص كانوا يرون ذلك غريبًا وأنّ برامجهم لا يوجد فيها أي من كل هذا الضغط في المتطلبات، ناهيك عن وجود أي اختبارات، رغم أنني كنت أحاول تقبل واعتياد ما أنا عليه، إلا أنا التساؤلات الكثيرة في كل مرة أعتذر فيه عن اجتماع لهذه الأسباب كان يشعرني بالسوء. لذلك قررت أن أتنزه متى ما أنجزت، وأن أحافظ على المشي اليومي لدى البحيرة وأن أستمتع بكل ما أملكه في هذه اللحظة، حتى وإن فاتتني بعض الأمور. عاهدت نفسي أيضًا، أن أبذل جهدي بدون الشعور بالذنب حيال النتيجة. وأظن أن كل الأهداف نجحت عدا الأخيرة. لكنني استمريت بالسعي، استمريت بالسؤال وبحضور الساعات المكتبية وبالنقاش في المحاضرات في كل مرة. ودائمًا كنت أبدو بالشخص الواثق، الظريف والذي ربما يتظاهر بشيء لكنه ينتج. لكنني فعلًا لم أكن راضية عن نتائجي على الإطلاق، مع الزعل حاولت الاستمرار ووجدت أن الدكاترة ينظرون لكل الجهد المبذول، وللسعي من الطلاب في تقييم درجاتهم النهائية، وأن الموضوع لا يتوقف لمجرد أنك لم تحرز أي نتائج مرجوة في تسليماتك! بنهاية الفصل كنت سعيدة جدًا وأحمد الله على أنه أعانني على كل هذا، لا أستطيع القول كم مرة قررت التوقف وأكملت، كم مرة تساءلت لو أنني في المكان الصحيح، ووجدت أنّ الثناء عليّ يأتي من كل جانب بفضل من الله.

الحمد للهِ كم بالفضلِ أكرمني

‏وفوقَ كُلّ الذي أرجوهُ أعطاني🤍

ومنذ منتصف الترم تقريبًا اعتدت المدينة وشوارعها لحدٍ ما، وعرفت لنفسي ووقتي وما أحبه هنا وهناك. احتجت سيارة بوقت مبكر لكن لم تتيسر لي في هذا الفصل. ووجدت فرقًا رائعًا حين تيسرت لي، فمدينتي ليس مهيأة للمشي بشكل كافي ولا طقسها يساعد والأمور تحسنت جدًا وبدأت أشعر بالانتماء أكثر.

لكل جامعة وبالأصح لكل قسم في كل جامعة شروطه وبرنامجه الخاص، كان لدي أكثر من مسار للاختيار في تخصصي واخترت مسار بحثي. تحدثت مع مشرف مُحتمل للبدء بذلك الترم، والحمدلله، الحمدلله. في ذلك الترم وفي كل ترم، اعتدت على ترتيب ملفات الفصل كاملًا، كل مادة بكل شيء بشكل منظم وسلس. أكتب ملاحظاتي وأجمّع كل ملاحظات مادة بملفها الخاص. أرتب مكتبي ومكاني بشكل يومي وأحاول الحفاظ على النظام في منطقة عملي بكل وقت، كأمر أساسي بالنسبة لي، يخفف التوتر ويعين على التركيز🌟.

ولكل ترم كانت تحدياته الخاصة، وقصته الطويلة. ترددت عدة مرات وشككت بالمكان وتعلمت أن أفهم شعوري ولا أقلل من إمكانياتي ووجدت أن الثقة بالله في كل حين وفي تيسيره بكل مكان يهون الأمر علي. لم يكن الموضوع سهلًا صحيح، وفي كل مرة كنت أميل كنت أخبر نفسي بأن الله سيفرجها. كونت زمالات كثيرة، نأتي كلنا من خلفيات مختلفة، وما أعرفه عني منذ طفولتي هو أنني شخص اجتماعي جدًا، كان هذا يفيدني في مرات كثيرة فمن حيث لا أعلم أجد أشخاص يساعدون ويشرحون ويشاركون المعلومة بتسخير من الله.

 

ما لي من الأعمال إلا أنني..

‏أحسنتُ ظني فيكَ يا وهّابُ♥️

وفي خلال الرحلة لم أنس نفسي من اكتشاف الجديد في المدينة وماحولها من مدن، أحببت فكرة أن أكتشف أماكن جديدة من الخريطة في كل مرة، أذهب وأجرب وأستمتع بمشاركة ذلك مع المقربين. كانت هواية مختلفة عن غيرها ومناسبة لوضعي الحالي. لكل منا حياته وأحلامه وأهدافه، لكل منّا شؤونه الخاصة منها مايقبل المشاركة ومنها ما يتحتّم الخصوصية. قد نتشارك الكثير ونختلف في الكثير كذلك. مازلت شخصيًا أمضي في نفس المشوار، لكنني أريد الحديث قليلًا عن الرحلة ككل. كشخص مسؤول جدًا أعتقد أن هناك جوانب كثيرة من الابتعاث والدراسة لم أحمل همها قط، بالنسبة لي هي مهام يومية اعتيادية. لذلك هذا خفف الكثير علي. مع ذلك هناك جوانب كثيرة تعلمتها، جوانب كثيرة لم أجربها في حياتي قط، جوانب كثيرة استكشفتها وسررت بها. كما كانت هناك أوقات نفتقد فيها أحبتنا، سهولة التواصل واللقاء ومعرفة بأنهم مسافة طريق، كل هذه تحمل معها مشاعر مختلفة. أن أجرّب مخابز محليّة لا يعرفها إلا أهل البلد، أن أزور محمصة مغمورة لشراء بن جديد، أن أتعامل مع معطيات شراء سيارة أن أزور المكتبات العامة وأتعلم من تجربتهم في الخدمة المجتمعية، وأبدأ سلسلة من زيارة معارض فنية، أمور متعددة تخوضها أو تكتشفها وتحاول معها اكتشاف نفسك من جديد. مهارات جديدة مكتسبة وعلاقات مختلفة كليًا ومحاولات مستمرة في التوازن بين هذا وذاك. أكثر ما أبهرني فعلًا أمرين: الأول هو تجربة التعليم لديهم، خصوصًا كشخص أكاديمي كل مارأيته كان جديد علي بكل المعايير، ولعلّ في تجربتي هذه أمرًا أعود به إن شاء الله، كنت أستاء من معايير كثيرة شائعة، ووجدت أن التجربة هنا زادتني إصرارًا على مبادئي في التعامل مع المعلّم والمتعلّم. الأمر الثاني هو خدمة العملاء لديهم، لا يمكنني مدح ذلك بشكل كافي ومتأكدة أي شخص جرّب المعيشة هنا يفهم مالذي أقصده، التواصل الرائع والخدمة الممتازة تجعلك تشعر بالولاء حتى ممن لا تريد خدمتهم!

على الصعيد الشخصي وكشخص اجتماعي لم أجد صعوبة ولله الحمد في التأقلم، لكنني تعلمت كيف أوازن، كيف أفهم ما أريد وكيف أضع الحدود اللازمة. العلاقات في الابتعاث في حال كنت تحدها مع مبتعثين فقط قد تضيّق عليك النطاق، ولمحدودية الوصول قد تشاهد أطباع مختلفة، ليس بالضرورة أن تناسبك لكن مع ذلك عليك أن تتعلم مالذي يناسبك. نعم هناك ممن قد يحب نشر السلبية أو أو يسحب طاقتك أو..وهناك ممن يعتقد بأن تجربته لطيفة وسلسة وأنّ عليك أن تكون مثله وتتفرغ له في كل وقت، كما هناك ممن يعرف يوازن بين أولوياته ويتفهم اختلاف الظروف. لست مع فكرة أن تتعرف على مجتمعك فقط، شخصيًا أرى أهمية أن يكون لديك زمالات بالتخصص، يساعدونك وتساعدهم في فهم مايصعب عليكم. مررت بمواد كنت أعتقد أنني لا أفقه شيئًا، كنت أسأل البعض لأتفاجأ بأن خلفيته السابقة في مجال مختلف تمامًا فأبدأ بشرح الأساسيات لهم، ثم يكملون شرح البقية لي! مررت بمواد كنت سعيدة بأنني أحب هذا المجال ويشابه خبرتي بالعمل وأراه موضوع عملي جدًا ثم أجد زميلة لي تقيمها كمادة صعبة جدًا، ومررت بالكثير مما كان جديد علي تمامًا وقضيته مع زميلات خلفيتهم في تخصصات مختلفة يرون هذه المواد سهلة عليهم ويستطيعون إيصال المعلومة بشكل مبسط جدًا. كل هذا كان يؤكد أهمية تكوين علاقات والسؤال ومساعدة الآخرين. واختلاف التجارب في كل مادة يجعلني أتفهم أكثر بأنّ لا يوجد شخص هو الأفضل في كل شيء، وليس دائمًا امتداد التخصص مايمنحك الأفضلية بين البقية.

نهاية كل فصل كنت أخرج للاحتفال وأكتب شيئًا لنفسي. وأحمد الله على ما مضى. الرحلة طويلة نعم، ومليئة نعم، لا تختصرها السطور، حكايات كثيرة، ظريفة وسعيدة وصعبة كأي وضع كان. وفي هذه الحكايا دعوات الأحبة، ومشاركتهم لنا أيامنا، رسائل كثيرة واتصالات عديدة تساندنا ولا ننساها لهم. أتذكر في ثلاث مرات مختلفة يصلني بريد من الجامعة بأنني لم أدرس هذه المادة، أو أن هذه المادة لا تحتسب نحو تخرجي، في كل مرة أتوتر جدًا وأرسل بريد واسأل رغم أنني شخص حريص جدًا وأحاول ألا تفوتني هذه التفاصيل وأتأكد من موافقة الجهات المهمة قبل الإقدام على خطوة بسيطة مثل تسجيل المواد. ثم أتذكر أن بعد تخرجي بشهرين وصلني بريد بأنني لم أتخرج وأن عليّ دراسة عدد من الساعات ليُحسب تخرجي، كل ما أستطيع قوله هو أنّ الشخص الذي تجاوب معهم كان شخص مختلف عن كل مرة 🥳. هي التجارب تعلمك كيف تتعامل مع المعطيات بشكل آخر.

تعلمت مهارات شخصية كثيرة، رغم اهتمامي المكثف بهذا الجانب منذ عدة سنين، إلا أنّ ماتعلمته في هذه الرحلة أكثر بكثير مما تخيلت. أحد الأمور التي كنت أسمع بها كثيرًا ولا أعتقد أني سأشعر بها هي متلازمة المحتال Imposter syndrome، ورغم أنني قرأت عدة أمور إلا أنني وجدت نفسي أضع قائمة لنفسي بكيفية التعامل معها بشكل يناسبني وهي كالتالي:

– لاتقارن نفسك بأحد.
‏- تذكّر الليالي والأيام التي (سهرت فيها/ شغلك بكل وقت/فوات مناسبة إلى آخره..) وإذا صعب عليك تتذكر، صوّر من فترة لفترة مكان عملك وقت الضغط للعودة لها.
‏- اكتب لنفسك عما تمر فيه، واقرأه وقت ظهور الشعور.

أمور كثير انعكست علي لم أسعَ لها، وفرص كثير أتيحت لي وأثرت بي بشكل رائع. أتذكر في كل مرة أنّ الرزق في أدق التفاصيل هو من عند ربي فقط، لا يحكمه شيء. نعم السعي من الأسباب، لكن مع ذلك لا أضيّق ما أتوقعه من رزق بسبب سعيي. أنّ حسن الظنّ مفتاح لكل خير بحوله وقوته، وأنّ الذكر والدعاء يقويّ ويطمئن ويشرح الصدر في كل حين. آمنت أن التسخير والتيسير والبركة من واسع فضله، وأنّ الدعاء في كل حين، وقت تشعر بالضيق، أو وقت تهلّ عليك الفتوحات، أو حتى حين ترى بركات ربي على الآخرين هو مفتاحٌ عظيم بحول الله.

للهِ همي وإسراري ومسألتي 

‏ومنهُ جزلُ العطايا والإجاباتِ💘

هنا قائمة أسئلة تصلني باستمرار سأضعها للفائدة:

هل مرحلة الماجستير صعبة؟

شخصيًا، لم يكن برنامجي بالسهل. المتطلبات مكثفة والمستوى عالي جدًا. لكن كل هذا يعتمد على عدة عوامل، الجامعة، خطة البرنامج، خلفيتك في البكالوريوس، متطلبات كل مادة على حدة، مدرسي المواد، ومستواك الشخصي. غير ذلك هو إجابة بدون مصداقية، كل هذه العوامل تلعب دورًا وتعينك أو تزيد الصعوبات عليك لاحقًا، شخصيًا استفدت من مرحلتي السابقة في العمل مع الضغوطات وكيفية التنظيم والتخطيط للموازنة بين المواد المختلفة وحياتي الشخصية لحدٍ ما. أيضًا الكتابة المكثفة سابقًا ساعدتني هنا على التسليمات المختلفة في أوقات متقاربة جدًا. لكن نوعية المواد رغم تشابه المحتوى إلا أنه مختلف جدًا وبمستوى آخر، مستوى دراسات عليا صحيح لكنه غير مرتبط بشكل كامل بما سبق لي دراسته، لذلك كان بالنسبة لي مواضيع مختلفة بمستوى مرتفع.

كيف أختار الجامعة؟

في حال كان ابتعاثك يتبع لبرنامج معين، فغالبًا هنالك شروط ستساعدك من البداية على تصفية الجامعات لعدد بسيط جدًا مثل ترتيب الجامعة، وبعد السعي والتقديم والقبول إن شاء الله، يمكنك تصفية النتائج على أسس كثير أهمها بنظري القدرة المادية خصوصًا إذا كان مصدر دخلك الوحيد هو مكافأتك، عليك أن تبحث بشكل جيّد وتفهم المكان وقدرتك. بعدها يمكنك النظر أيضًا للمدينة وكل مايهمك فيها من مرافق أو طقس وغيره.

أي مسار أختار؟

اختلاف المسار يعتمد على تخصصك ورغبتك في الإكمال للدكتوراه، ومع ذلك فليس شرطًا أن تكمل بالمسار البحثي في حال كانت خطتك الدكتوراه لكنني شخصيًا وبعد تفكير طويل وجدت أنه هذا تفضيلي كنوع من المساعدة لما بعد.

كيف نظام الدراسة؟ ماهي المتطلبات؟

أسئلة كثيرة تصلني بمثل هذا النوع، كل شيء يختلف حسب قسمك في الجامعة المختارة. نعم قد تختلف المتطلبات كليًا من قسم لآخر في نفس الكلية، فما بالك من جامعة لأخرى؟ كثير من الزميلات في تخصصات أخرى لا توجد لديهم اختبارات على الإطلاق طوال مرحلة الماجستير، وكانوا يتعجبون من قسمي! لكنها شيء أساسي ومطلوب عندي وليس اختياري! لذلك ركز فيما أنت عليه فقط. نعم قد تمر بضغط أعلى أو أقل من غيرك وهذا ليس الهدف من الدراسة. ركز على الاستفادة والسعي بنية العلم والتعلم.

نصائح عامة:

  • ابحث بشكل مطوّل عن ليس جامعتك فقط، بل برنامجك بالتفصيل، لن تعرف المواد بشكل دقيق حتى تبدأ فيها لكن كل هذا سيعطيك فكرة مبدئية.
  • النظام والنظافة مطلب في كل وقت وحين، حاول ألا تهمل في فترات الضغط لأن كل شيء مؤثر! كلما حافظت على نفسك ومساحتك بشكل جيد كل ما خففت على نفسك التوتر.
  • اسأل. كطالب علم أقل مايمكن عمله هو السؤال. غير الصيغة، غير الشخص اسأل زميلك/دكتورك/مشرفك. لكن لا تستحِ من السؤال!
  • حاول دائمًا. المحاولة من جديد، بعد كل مرة تخطئ تذكر أنه لازال هناك فرصة للمحاولة. مهما اعتقدت أنها صعبة، جرب مرة ومرتين وثلاث. محاولاتك تؤخذ بعين الاعتبار، وتوضّح اجتهادك وسعيك. وهذا أمر يعطي انطباع ممتاز.
  • التدوين والكتابة تسهل عليك الحياة وتصفي ذهنك وتساعدك في ترتيب أولوياتك ووضع خططك أمامك بشكل ملموس.
  • هناك قواعد بسيطة تساعدك في الدراسة، تقنية Brain Dump مثلًا خلال العمل تصفي الذهن خصوصًا إذا كان عقلك مشغول بكل المهام، يمكنك التوقف لمدة دقيقتين كتابة كل شيء أمامك والعودة للعمل مرة أخرى.
  • إذا لم يكن لديك القدرة على العمل وطاقتك ضعيفة، لا تهدر الوقت في المحاولة جرّب الحديث مع أصدقاءك أو قم بعمل شيء تحبه ليساعدك على العودة بشكل أفضل.
  • انتبه لما تتعرض له باستمرار، من محتوى أو علاقات. صحتك الذهنية مهمة.
  • ليكن لديك شبكة دعم من الأصدقاء أو العائلة، فوجودهم يعد عاملاً مهماً في تعزيز الثقة بالنفس.
  • لا تنسَ الاحتفال بالإنجازات الصغيرة، فهي خطوات مهمة لتحقيق الهدف الأكبر.
  • تجربتك تخصك، تجربتك تعنيك. لا تقس تجارب الآخرين بما فيهم -أنا- عليك.
  • لا تقارن. لا بزميل ولا صديق ولا أحد. التركيز فيما أنت عليه مطلوب.
  • تقبل فكرة الصعوبات، التقبل سيخفف وطأة الأمر عليك.
  • أعط لنفسك حقها من الأكل الصحي والحركة والترفيه.
  • المتعلم لا يخجل من أخطاءه، يعتذر ويكمل، ويخطئ من جديد ويعتذر للأعلى/أقل منه رتبة، هذا كله عادي وطبيعي وإنساني بالكامل. نقطة فارقة وجدتها هنا، ليس لمجرد شهادة فأنت أكبر من أن تخطئ.
  • تفويض بعض المهام فمثلًا pick up order/delivery، للاستفادة من الوقت باهتماماتك الخاصة أو القيام بأي نشاط آخر يسليك. قساعتين لقضاء الحاجات تصبح ٥ دقائق، وبقية الوقت أستغله بأمر آخر أفضله.
  • تكوين العلاقات باستمرار مهم ومفيد. هذه قاعدة تبنيتها منذ فترة طويلة، لكن بالابتعاث الفرق أوضح، البعض ينهي دراسته قبلك، أو تتصادف معه في مادة واحدة فقط، أو ما تتلاقى أوقاتكم بشكل كافي. وجود علاقات مختلفة ومتعددة يخفف عليك ثقل الرحلة، سواءً علاقات في تخصصك أو مع المبتعثين كذلك.
  • تجربة واكتشاف اهتمامات جديدة خلال المرحلة، اهتمامات نتعرف فيها على أنفسنا، ونستمتع بها.
  • حسن الظن بالله في كل وقت وكيفما كان الوضع، والله كلما ضاقت طمأنت نفسي بذكره، إيمانًا ويقينًا بكرمه. وذكر الله ييسر ويعين ويقويّ.

 

قبل أن تنتهي الرحلة فات عليّ موعد تحديد المناقشة (هناك فترة محددة لاختيار الموعد)، وليس فترة المناقشة بحد ذاتها. فاتت علي بسويعات بسيطة! نعم أنا الشخص الذي يخطط باستمرار ويكتب كل المواعيد ويرتّب الجداول ويحصل معي ماليس متوقع. ورغم كل محاولاتي في أن يتم الأمر لم يتم، أتذكر زعلّي في ذلك الوقت وكنت أخفف على نفسي وأحمد الله وأردد لعلها خير وإن لم أكن وقتها أتخيل ماهو القادم. كانت خططي مختلفة تمامًا ولكن بسبب هذا التأخير تيسرت لي خطة أفضل مما تمنيت، وخطة أنسب مما سعيت فلله الحمد والشكر. خلال كل هذا السعي تعلمت أن الخيرة فيما يختاره الله لنا، الأمور تتيسر متى ما كُتبت لنا، لا سعينا سيقدم الأمر، ولا أمرًا يؤخره وكل أمرنا من واسع فضله، كل سعينا لم يكن لولا كرمه، وكل توفيق وتيسير فمنه وحده. 

وإذا تأخر مطلبٌ فلربما

‏في ذلك التأخير كل المطمعِ

‏يا رب لي ظنٌ جميلٌ وافرٌ

‏قدّمته أمشي به يسعى معي 

‏كل الذين يرجون فضلك أُمطروا

‏حاشاك أن يبقى هشيماً مربعي🍃

رحلتي قد تختلف عن رحلتك، لكنها كانت رحلة طويلة ومرهقة ومليئة بالتحديات والتغييرات، مع ذلك كنت أرتب روتين يتناسب مع كل فترة، وأسعى لأن أستمتع بما أملك من وقت وموارد. تعلمت طلب المساعدة في كل مرة احتجتها، ونسيت طلبها مرات كثيرة، وشهدت أهمية الحبّ في حياتنا وأن نملك رفقة طيبة حتى في البعد، واستمتعت باكتشاف ماهو جديد في كل شيء حتى في منتجات الأغذية أو حدائق المدينة، فالتجربة كاملة فيها من المسؤولية والأعمال مافيها، وهذه التفاصيل تعطيك بعدًا آخرًا. ومن أفضل ماتعلمته هنا هو أن لبيئة التعليم بعد آخر تمامًا، علاقة المعلم بطالبه وكل مايدخل في ذلك أمر مبهر للغاية، كنت أول فصلين على وجه الخصوص أدعو أن يعينني الله على التغيير فيما سأعود عليه، الأمر يستحق!

وأخيرًا، السعي من الأسباب، والأسباب كثيرة وأهمها ألا تولّي جانبًا في حياتك كل شيء وتنسى الباقي. لكل شيء عليك حق، وصحتك أولوية لا تتنازل أو تهمل بحجة أنك ستنهي الدراسة وتعود للاهتمام. تعلم الموازنة مهما بدا الموضوع صعبًا، واسأل واقرأ وتوجه للمساعدة من أبوابها الصحيحة في حال شعرت بالحاجة.  

 

 

 

أضف تعليق

2 تعليقان

  1. أفاتار Liquid Memory| ذاكرة سائلة

    شكراً شكراً على التدوينة الرائعة ومعلومات قيّمة .

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

  • الأرشيف

  • مدوّنات أخرى

  • Goodreads